وإن كان في المحقرات ، ولا الاستيجاب والإيجاب ، وهو : أن يقول المشتري بعني ، فيقول البائع : بعتك من غير أن يردّ المشتري.
ولا بد من صيغة الماضي ، فلو قال : اشتر أو ابتع أو أبيعك لم ينعقد وإن قبل.
______________________________________________________
واعلم : أن في كلام بعضهم ما يقتضي اعتبار المعاطاة في الإجارة ، وكذا في الهبة ، وذلك لأنه إذا أمره بعمل على عوض معين ، عمله واستحق الأجر ، ولو كان هذا إجارة فاسدة لم يجز له العمل ، ولا يستحق اجرة مع علمه بالفساد ، وظاهرهم الجواز بذلك ، وكذا إذا وهب بغير عقد ، فان ظاهرهم جواز الإتلاف ، ولو كانت هبة فاسدة لم يجز ، ومنع من مطلق التصرف. وهو ملخص وجيه.
قوله : ( وإن كان في المحقرات ).
ردّ به على بعض العامة المكتفين بها في المحقرات كالعقد (١) ، واختلفوا في المحقرات ، فقال قوم : ما لم يبلغ نصاب السرقة (٢) ، وأحالها آخرون على العرف (٣).
والفرق بين المحقرات وغيرها تحكم.
قوله : ( ولا الاستيجاب والإيجاب ... ).
ظاهرهم أن هذا الحكم اتفاقي ، وما قيل بجواز مثله في النكاح (٤) ، مستند إلى رواية ضعيفة.
قوله : ( ولا بد من صيغة الماضي ).
لأنه صريح في إرادة نقل الملك ، وأما المستقبل فإنه شبيه بالوعد ، والأمر بعيد عن المراد جدا ، وكذا باقي العقود اللازمة ، ويشترط وقوع القبول على الفور عادة من غير أن يتخلل بينهما كلام أجنبي ، ووقوعهما بالعربية مراعى فيها أحكام
__________________
(١) ذهب إليه أبو حنيفة ، ونقل عن ابن سريج ، انظر : المجموع ٩ : ١٦٢ ، وفتح العزيز ٨ : ٩٩ ، ١٠١.
(٢) حكي عن الرافعي ، انظر : المجموع ٩ : ١٦٤.
(٣) المجموع ٩ : ١٦٤.
(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٨٧.