______________________________________________________
الرقية ، فيجب أقل الأمرين ، لأنه المتيقن والزائد مشكوك فيه للشك في سببه.
ولقائل أن يقول : إن الواقع لا يخلو من رقيته وحريته ، فلا بدّ من أحدهما ، وعلى أي تقدير كان ، فلا يكون الواجب واحدا من الأمرين المذكورين ، لأنه إن كان حرا فالواجب القصاص لا الدية ، والاحتياط المذكور معارض باحتياط مثله ، فإن الجاني ربما رضي بالقصاص ولم يرض بالدية ، فقهره عليها إلزام له بما لم يثبت عليه ، فيكون باطلا.
وإن كان رقا ، فالواجب هو القيمة لا الدية ، فيبطل احتمال كون الواجب هو الدية على كل من التقديرين اللذين انحصر الواقع فيهما ، وكذا يمتنع كون الواجب هو أقل الأمرين مطلقا على [ كل من تقديري ] (١) الحرية والرقية ، على أنه يؤدي إلى إسقاط حق معلوم الثبوت قطعا ، وذلك إذا قطع منه طرفان :
أحدهما أكثر قيمة ، والآخر أكثر دية ، وحيث بطلت اللوازم كلها تعين الحكم بالقصاص.
ويؤيده : أنا نحكم بجواز مناكحته ، مع أن الفروج مبنية على الاحتياط التام ، وتمضي جميع تصرفاته استنادا إلى الحكم بحريته ، ولأن كل من كان ظاهره الحرية يحكم له بالقصاص ، مع أنه قد يتطرق الاحتمال إليه.
والذي ينساق اليه النظر : الحكم بالقصاص ، لأنه أسلم من ارتكاب ما لا يدل عليه دليل ، ولو ظهر خلافه فهو بيت المال ، لأنه من خطأ الحكام. هذا كلّه إذا كانت الجناية عمدا ، ولو كانت خطأ ، فعلى ما اختاره المصنف يحتمل الدية وأقل الأمرين ، والأصح الأول.
__________________
(١) في « م » : كل تقدير ، وفي « ق » : تلك التقديرين ، وما أثبتناه من مفتاح الكرامة ٦ : ١١٨ عن جامع المقاصد ، وهو الأنسب.