هذا إن أقرّ أن عنده وديعة ، أو عليه وديعة ، أو ثبت أنه مات وعنده وديعة.
______________________________________________________
ومنشأ الاشكال : من أن الأصل بقاء الوديعة ، فإذا تعذر الوصول إلى العين وجب الانتقال إلى البدل فيقدم به ، لأن أصالة بقاء عين ماله الذي هو مختص به يقتضي الاختصاص ببدله.
ومن أن المختص به هو العين ، فإذا تعذرت كان البدل من جملة الديون ، إذ لا تعلق له ببعض دون بعض.
قوله : ( هذا إن أقر أن عنده وديعة ، أو عليه وديعة ، أو ثبت أنه مات وعنده وديعة ).
هذا الحكم الذي سبق ـ وهو كونها أسوة الدين ، أو تقدم مالكها ببدلها ـ إنما يكون إذا أقر الميت قبل موته بأن عنده وديعة إلى آخره.
أما الأول ، فلان الظاهر بقاؤها في التركة إلى أن وصلت إلى الورثة ، نظرا إلى اقتضاء الإقرار وجودها وقت صدوره ، وبعد تلفها في الزمان المتخلل بين الإقرار والموت.
وأما الثاني ، فلأن قوله عليّ وديعة آكد في وجوب الأداء ، لأن عليّ يقتضي حقا في الذمة.
وأما الثالث ، فلأنه إذا ثبت أنه مات وعنده وديعة ، كان أدل على وصولها إلى الورثة ولم يعلم بقاؤها بعينها.
بخلاف ما إذا قامت البينة بأنه قد كان عنده وديعة في حياته ولم توجد ولم يعلم بقاؤها ، فان في أصل الضمان هنا إشكال ، ينشأ : من أن الظاهر أنه قد ردّها إلى المالك أو تلفت بغير تفريط ، وإلاّ لأقرّ بها عند الموت ، عملا بظاهر حال المسلم من أنه لا يخلّ بالواجب ، مع أن الأصل براءة الذمة. ومن أصالة بقائها ، فإذا تعذّرت العين وجب البدل ، وهذا هو المراد.