في مثال النبيذ ـ لا يعقل أن يكون مناطا لتشريع الحكم إلاّ على نفس ذلك النوع دون الأعمّ منه وإن كان ذاتيّا له كالمتّخذ من الشعير (١) في مثال النبيذ ، فضلا عمّا إذا كان عارضيا كحرام الأكل فيما نحن فيه (٢) ، ولو كان النوع المذكور كالمسوخ ونحوه من الموضوعات المستنبطة فوظيفة الشارع تقتضي تشخيصه أيضا ، لا إهماله وتشريع الحكم على ما يعمّه (٣).
وبالجملة فلو فرض أنّ المسوخ هو الذي لا يصلح لوقوع الصلاة فيه دون النوعين الآخرين امتنع أن يكون ذلك حكمة لتشريع
__________________
(١) الظاهر أن الشعير مصحفة عن التمر ، يعني وإن كان العنوان الأعمّ ذاتيّا لذلك النوع وجنسا له ، كعنوان ( المتّخذ من التمر ) الذي أحد أنواعه النبيذ ، ففي مثله لا يعقل أن يكون إسكار النبيذ مناطا لتشريع الحكم على كل متّخذ من التمر ليشمل العصير التمري لأنّه ـ بالنسبة إلى العصير ـ حكم بغير مناط يقتضيه.
(٢) فإن عنوان ( حرام الأكل ) عرض عامّ بالنسبة إلى المسوخ ، فلا يعقل أن يكون مسوخيته مناطا لتشريع المنع عن الصلاة في كل حرام الأكل حتى السباع والحشرات.
(٣) يعني لا يحسن من الشارع إهمال هذا الموضوع المستنبط وترك تعريفه ليصبح بذلك أمرا غير منضبط وغير متميز ويصح تشريع الحكم على ما يعمّه ، إذ مع إمكان التعريف فعليه ذلك حذرا من تشريع حكم بلا مناط يقتضيه. اللهمّ إلاّ أن يزاحمه مناط أقوى أو مساو يقتضي الإهمال فيصح حينئذ تشريع الحكم على الأعمّ ، لكن المفروض في المقام خلافه لورود البيان الشرعيّ المائز للمسوخ عن غيره.