وأمّا بالنسبة إلى كفاية الاطمئنان فلما تقرّر في محلّه من استقرار طريقة العقلاء على الاكتفاء به في إحراز مقاصدهم ، وإلغائهم ـ بفطرتهم ـ لاحتمال خلافه بالكلّية ، وجريهم عليه من حيث إحرازهم الواقع به ، وسقوطه عن الوسطيّة (١) عندهم ، لا كاقتفائهم في موارد جلب النفع أو دفع الضرر أثر الظنّ مثلا ، بل والاحتمال ، فإنّ إقدامهم فيهما إنّما هو على عنوان المظنون أو المحتمل ، دون الواقع ـ كما عند حصول الاطمئنان ـ ، ولذا يكتفون به (٢) في مقام الأمن من العطب والهلكة أيضا مع وضوح دوران الإقدام فيه مدار إحراز الواقع ، وبضميمة عدم الردع عنه (٣) في إحراز الأغراض الشرعيّة في غير ما اعتبر فيه خصوص البيّنة يتمّ المطلوب ، ولا يعتبر فيه الحصول عن سبب خاصّ كالعلم (٣) ، بل الظاهر دوران طريقيّة أغلب الأسباب المعوّل عليها عندهم مدار
__________________
(١) أي : الوسطية في قياس الاستنتاج ، حذو سقوط العلم عنها ، فهم يرون به الواقع ويتطرّقون به إليه ويرتّبون آثار الواقع بما هو واقع ، لا بما هو مطمئنّ به ـ كما هو الحال في العلم ـ ، وهذا بخلاف استنادهم إلى الظن أو الاحتمال لجلب نفع أو دفع ضرر ، حيث إنهم يرتّبون فيهما آثار الشيء بما هو مظنون أو محتمل.
(٢) أي بالاطمئنان.
(٣) أي : من قبل الشارع ، فإنّ سكوته عمّا استقرّ عليه بناء العقلاء ، وعدم ردعه عنه ـ الكاشف عن إمضائه ـ دليل على اعتباره عنده في الشرعيّات.
(٤) أي : كما لا يعتبر في العلم ذلك.