نعم في القسم الأوّل (١) يمكن أن يتطرّق الشبهة المصداقية بعد الفراغ عنه ، لكن حيث لا أثر لهذه الشبهة في المحرّمات (٢) أصلا ، ولا في الواجبات أيضا في غير ما يوجب القضاء والإعادة (٣) فقاعدة الفراغ حاكمة (٤) على أصالة الاشتغال في هذا القسم (٥) ، ولا يندرج ما عداه لا في مجاري الاشتغال ، ولا البراءة (٦).
وأمّا القسم الثاني : فهو ـ وإن فارق سابقه في التعلّق بالموضوع
__________________
(١) المراد به ما كان المتعلق مقدورا بلا واسطة ، والوجه في تطرق الشبهة المصداقية إليه بعد الفراغ عنه هو إمكان طروّ النسيان حينئذ ، فيشك في هويّة فعليه السابق.
(٢) إذ لا أثر للشك في مصداقيّة ما صدر منه سابقا للحرام وعدمها ، ولو فرض لصدوره منه أثر فمقتضى الأصل عدمه.
(٣) فإنه أيضا لا أثر يترتّب فعلا على الشك في أنّ ما صدر منه سابقا مصداق للواجب أو لا ، ولا يجدي استصحاب عدم صدوره منه لترتيب آثار فسقه مثلا ، لعدم ترتّبها على مجرد عدم الصدور.
(٤) يعني : إذا كان الواجب ممّا يجب بتركه القضاء والإعادة فلو لا قاعدة الفراغ لكان مقتضى قاعدة الاشتغال أو استصحاب عدم الإتيان وجوب إعادته في الوقت بل وقضائه خارجه ـ على بعض الوجوه ـ ، إلاّ أن القاعدة المذكورة حاكمة على الأصلين ، ومقتضاها صحة المأتي به ومصداقيّته للواجب.
(٥) يريد قدسسره به القسم الأخير من أقسام ما يتطرّق فيه الشبهة المصداقية بعد الفراغ عنه ، وهو الذي اختص بجريان قاعدة الفراغ فيه ، ويقابله ما عداه من المحرّمات والواجبات التي ليس لها إعادة أو قضاء ، وهو المراد بقوله قدسسره متعاقبا ( ولا يندرج ما عداه. إلخ ).
(٦) لما عرفت من أنه لا أثر لشبهاته المصداقية ، ويعتبر في جريان الأصول ترتّب أثر شرعي عليها.