وإن أبيت مع جميع ذلك إلاّ عن استقرار ظهور هذا الذيل في شرطيّة المأكوليّة ، فأقصى ما يقتضيه ذلك ـ بعد ما أوضحناه من امتناع الجمع بين شرطيّة أحد الضدّين ومانعيّة الآخر ـ هو سقوط الموثّقة (١) عن صلاحيّة التمسّك بها من هذه الجهة ، لتنافي جزئيها ، وتعارض صدرها بذيلها من سوء تعبير ابن بكير ، ونحن في غنى عنها بعد قوّة دلالة غيرها من أدلّة الباب على المانعيّة ، فلقد قلّ أن يظفر في أدلّة الأحكام بأظهر منها ، خصوصا مع اشتمالها على التعليل (٢) المخرج لها عن قبول تأويلها بما ينطبق على الشرطيّة ، ويبقى القول بها (٣) بلا دليل عليه في حدّ نفسه ، فضلا عمّا يصلح معارضا لهذه الأدلة.
بقي هنا شيء : وهو أن عنوان ( ما لا يؤكل ) لكونه مصدّرا بأداة النفي فقد تشبّث بعض القائلين بالشرطيّة بذلك ، وادّعى أنّه من العناوين العدميّة التي لا تصلح * للمانعيّة (٤) ، ولكونه عبارة أخرى
__________________
(١) حاصله أنه لو سلّم ظهور هذا الذيل في الشرطية فأقصى ما يقتضيه هو تعارض صدر الموثقة وذيلها الناشئ من سوء تعبير الراوي ، لما مرّ من امتناع الجمع بين شرطيّة شيء ومانعيّة ضدّه ، فيتساقطان ، وتسقط الموثقة عن صلاحية إثبات المانعية ، لكنّا في غنى عنها بعد قوّة دلالة غيرها من الأخبار على المانعية.
(٢) وهو التعليل بمسوخيّة الأكثر ، والتعليل في السنجاب بأنه ليس ممّا نهى عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد مرّ ذكرهما في عداد أدلّة المانعيّة.
(٣) أي بالشرطية.
(٤) إذ المانع لا بدّ أن يكون أمرا وجوديّا.
__________________
(*) الموجود في الطبعة الاولى ( يصلح ) والصحيح ما أثبتناه.