من أجزاء العلّة هو توقّف تماميّة المقتضي ـ فيما له من التأثير في إفاضة المعلول ـ على وجوده ، كمجاورة النار للأجسام القابلة للاحتراق بها ، فإنّها إنّما تكون محترقة لها بالمجاورة ، لا بنفس ذاتها. ومناط مانعيّة المانع هو دفاعه عن تلك الفاعليّة ، ودفعه لذلك التأثير الحاصل للمقتضي بمعونة شرطه ، كما إذا كان ما جاورته النار ذا رطوبة حافظة له دافعة لتأثيرها في إحراقه ، ونحو ذلك ، وبهذا الاعتبار (١) عدّ عدم المانع أيضا من أجزاء العلّة ، وإلاّ فالذي
__________________
تركيب العلّة ، ووجه دخله في ترتّب المعلول عليه ، فأفاد قدسسره : أن المقتضي هو الذي يترشّح منه وجود المعلول ويكون له الفاعليّة والتأثير في إفاضته ولا شأن للآخرين في هذه المرحلة ـ أعني مرحلة الرشح والتأثير ـ ، كما في النار بالنسبة إلى الاحتراق ، أمّا الشرط فهو الذي يتوقف تمامية المقتضي في فاعليّته وتأثيره عليه فلا تأثير له بالفعل إلا بمعونته ولدى تحققه ، كالمجاورة ـ في المثال ـ فإنّ النار لا تحرق الجسم القابل للاحتراق بنفسها ، وإنما تحرقه إذا جاورها ، وأمّا المانع فهو الذي يمنع عن تأثير المقتضي بمعونة شرطه في مقتضاه ويدفع عن فاعليّته له ، كما في الرطوبة الحافظة للجسم والدافعة لتأثير النار المجاورة له في احتراقه ، ولأجله كان وجود المعلول متوقفا على انتفائه ، كما هو متوقف على وجود المقتضي وشرطه.
(١) أي باعتبار كون المانع دافعا عن المحل تأثير المقتضي فيه كان وجود المعلول متوقفا على عدمه ، فعدّ هذا العدم بهذا الاعتبار من أجزاء علّته ، لا باعتبار كونه جزءا مؤثرا في وجود المعلول راشحا له ، إذ الرشح