وإنّما المجعول (١) حكما كليّا على موضوعه المقدّر وجوده ـ كوجوب الفرائض الخمس على المكلّفين بها في أوقاتها ، والحجّ على المستطيع ، وتبادل العوضين عند تحقّق البيع الجامع لشرائطه ،
__________________
يصبح الاشتراط كعدمه فيعود المحذور. ويردّه أنها إنما تتمّ في شرائط الجعل التي لدى تحقّقها ينشأ الحكم مطلقا غير مشروط بشيء ، لا في شرائط المجعول التي لا يعقل انسلاخ الشرطيّة عنها بمجرد تحقّقها ، إذ لا يخرج الحكم بذلك عن كونه حكما على ذلك الموضوع.
ومنها : ما في الكفاية أيضا من عدّ السببيّة ـ المتّصفة بها الأسباب الشرعيّة كالدلوك والعقد من الأمور التكوينيّة المنجعلة ، لا من الأحكام الوضعيّة المجعولة ، بدعوى أن اتصافها بها إنما هو لاشتمالها على خصوصيّة ذاتية تؤثّر في وجوب الصلاة أو الملكيّة مثلا ، فتكون ـ إذن ـ منجعلة تبعا لتكوين المتصف بها ، لا مجعولة تبعا لتشريع حكم تكليفي أو وضعي على تقدير وجود المتّصف بها. وفيه أن هذا إنما ينطبق على دواعي الجعل وعلله الغائية ، لا على أسباب المجعول ، فإنّ المسلّم هو تأثير تلك الخصوصيّة الذاتية بوجودها اللحاظي تكوينا في جعل الحكم وتشريعه ، أما تأثيرها بوجودها العيني في الحكم نفسه فغير معقول ، لاستحالة ترشّح الحكم الشرعي عن أمر تكويني ، وقضاء الضرورة بتكوّنه بتشريع شارعة عن إرادته.
(١) بيان للعقد الإيجابي من كيفية تشريع الأحكام ، وخبر المبتدأ قوله ( هو الحكم الشرعي ) ، وحاصل المقصود أن ما يصدر من الشارع لدى تشريع الأحكام ليس إخبارا عن إنشاء استقبالي ـ كما عرفت ـ ، بل هو بنفسه إنشاء لحكم كلّيّ انحلاليّ وجعل له على موضوعه المقدّر وجوده بنحو القضية الحقيقية ، بحيث تترتّب عليه فعليّة أحكام شخصية عند تحقّق وجودات ذلك الموضوع من دون إنشاء جديد لها ، بل بنفس ذلك الإنشاء الانحلاليّ الأول.