فإن قيل : أليس نفس النعت الوجوديّ الحاصل لموضوعه عند حدوثه من الحوادث ، فكيف يمنع عن مسبوقيّته بالعدم بما هو كذلك (١) ، ويخصّ سبق عدمه بلحاظ مباينته لموضوعه؟ وهل يعقل أن يوجب تعدّد اللحاظ تعدّدا في نفس الأمر (٢) ، أو يفصّل في استحالة ارتفاع النقيضين بين اللحاظين (٣)؟.
أجيب عنه : بأنّه ـ مع الغضّ عمّا تقدّم (٤) من أنّ قسيم الخارج ـ كالشرط الذي لا يخالف الكتاب مثلا ـ هو الذي لا محيص في ترتيب الحكم عن إحرازه ، وأنّ غاية ما يمكن أن يحرز باستصحاب
__________________
(١) أي : بما هو حاصل لموضوعه عند حدوثه ، وحاصل الإشكال : أنّ النعت وجد حاصلا في موضوع وعلى وجه النعتيّة ، ولم يكن له ـ بما هو كذلك ـ وجود قبل ذلك ، إذن فوجوده النعتيّ مسبوق بالعدم ، ولا يختصّ سبق عدمه بوجوده المحموليّ المباين لموضوعه.
(٢) إذ ليس هناك في نفس الأمر إلا وجود واحد مسبوق بالعدم ، وهو ـ كما ذكر ـ الوجود النعتيّ ، ولا يتعدّد وجوده الواقعيّ بتعدّد لحاظه نعتيّا تارة ، ومحموليّا اخرى.
(٣) ويقال : إنّه إن لوحظ محموليّا استحال ارتفاع وجوده وعدمه معا ، بخلاف ما إذا لوحظ نعتيّا ، فإنّه ـ مع عدم موضوعه ـ لا موجود ولا معدوم ، وإنّما المعدوم ـ حينئذ ـ هو المحموليّ.
(٤) تقدّم في الأمر الثالث أنّ قسيم الخارج بالاستثناء أو المنفصل ـ كالشرط الذي لا يخالف الكتاب ـ هو الباقي من العامّ موضوعا لحكمه ولا محيص في ترتيب الحكم عن إحرازه ، والعدم فيه نعتيّ لاحق بموضوعه ، وتقدّم في الأمر الرابع أنّ غاية ما يمكن إحرازه بالأصل هو عدمه المقارن دون النعتيّ ، لعدم مسبوقيته على وجه النعتيّة.