الثاني : إنّه قد تبيّن ممّا حررنا عدم اختصاص هذا البحث بما إذا كان الاشتباه فيما يصلّى فيه من جهة الشكّ في اتّخاذه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، واطّراده في جميع ما يتردّد هو بين ما يجوز الصلاة فيه وما لا يجوز (١) ، إلاّ أنّ خصوص التذكية حيث لا يخلو الشكّ فيها إمّا عن أمارة معتبرة توجب البناء عليها ـ كما إذا أخذ من يد المسلم ، أو سوق الإسلام مثلا ـ ، وإلاّ (٢) فمقتضى الأصل الموضوعيّ هو البناء على عدمها ، فقضيّة السببيّة والمسبّبية ـ حينئذ ـ إنّما هو ارتفاع موضوع هذا البحث فيه على كلّ تقدير (٣) ، وخروجه بذلك عن عموم هذا النزاع.
وهذا بخلاف ما إذا شكّ في كونه من الحرير ـ مثلا ـ أو الذهب ، فإنّه بعد البناء فيهما ـ كأجزاء غير المأكول والميتة ـ على المانعيّة أيضا مضافا إلى حرمة اللبس حال الصلاة وغيرها (٤) بعنوان واحد ـ كما هو ظاهر أدلّة الباب ، وكلمات الأصحاب ـ ، دون
__________________
(١) كالحرير والذهب.
(٢) أي : وإمّا لا أمارة على التذكية ، ومقتضى الاستصحاب حينئذ عدمها ، إذن فلا يخلو موارد الشك فيها عن وجود أمارة يحرز بها التذكية ، أو أصل يحرز به عدمها.
(٣) فإنّ الشك في جواز الصلاة فيه وعدمه مسبّب عن الشك في تذكيته ، فإذا أحرز تذكيته بالأمارة ، أو عدمها بأصالة عدم التذكية فلا يبقى شكّ في ناحية المسبّب ، فلا موضوع للبحث عن جريان أصالة عدم المانع ، ولا تصل النوبة إلى هذا النزاع أصلا.
(٤) أي : وغير الصلاة بعنوان واحد هو عنوان اللبس.