وهي وإن شاركت بقيّة الشرائط العامّة في اشتراط التكاليف بها ، وكان توهّم كونها كالعلم بالخطاب شرطا لتنجّزه دون توجّهه أوضح فسادا من عكسه (١) ـ المتقدّم نقله عن بعض الأساطين ـ ، لإمكان أن يكون (٢) للعلم بالحكم دخل في تماميّة ملاكه (٣) ، ويقوم الدليل المنتج نتيجة التقييد على ذلك ـ كما في مسألة الجهر والإخفات والقصر والإتمام على ما اتّضح في محلّه ـ ، ولكن مقتضى استقلال العقل بقبح مطالبة العاجز بما لا يقدر عليه هو امتناع توجّه التكليف إلى القدر المشترك بين القادر والعاجز ، فلا تصل النوبة حينئذ إلى التنجّز والمعذورية (٤) ، بل لا يرجعان إلى
__________________
(١) وهو كون العلم بالخطاب شرطا لتوجّهه وفعليّته كالقدرة ، وقد تقدّم نقله عن المحقّق القمي قدسسره.
(٢) تعليل لأوضحيّة فساد التوهم المذكور من عكسه ، وذلك بالمقايسة بينهما بذكر توجيه للعكس وبرهان على إمكانه الذاتي والوقوعي أولا ، ثمّ التعرّض لحال الأصل وبيان امتناعه استنادا إلى استقلال العقل بقبحه.
(٣) أشار قدسسره بهذا إلى ما حقّقه في الأصول من أن العلم بالحكم قد يكون له دخل في تماميّة ملاكه ثبوتا فيكون الحكم بالنسبة إلى الجاهل به فاقدا للملاك ، وفي مثله لمّا لم يمكن الشارع استيفاء غرضه بجعل الحكم مقيدا بالعلم به تقييدا لحاظيا ـ للزوم الدور ـ ، فلا مناص له من إهمال جعله الأوّليّ ، وتتميمه بجعل آخر يفيد فائدة التقييد المذكور ، وينتج نتيجته ، وعليه فكون العلم بالحكم شرطا فيه ملاكا وتشريعا بمكان من الإمكان ، وقد وقع ذلك في الشريعة في مسألتي وجوب الجهر والإخفات والقصر والإتمام ـ على ما فصّل في محلّه.
(٤) فإن التكليف إنما يصل إلى هذه المرحلة فيما إذا كان متوجها إلى المكلف ،