الموقف (١) ، وفي حرمة الإفاضة قبل الغروب والطلوع (٢) يقتصر (٣) على ما علم خروجه عن حدود الموقف ، ويجوز الانتقال من القدر المعلوم إلى المشكوك مع عدم إخلاله بالوقوف الواجب قبل ذلك.
والسرّ في ذلك (٤) هو إطلاق الطلب الوجوبيّ (٥) بالنسبة إلى
__________________
(١) فلا يجزي الوقوف في المكان المشكوك كونه منه ، وهذا مثال للشبهة الوجوبية ، كما أنّ ما بعده مثال للتحريمية.
(٢) الأوّل بالنسبة إلى الوقوف بعرفات ، والثاني بالنسبة إلى الوقوف بالمشعر الحرام.
(٣) أي يقتصر في لزوم الاجتناب على ذلك ، فلا بأس بالإفاضة إلى المقدار المشكوك بعد أداء ما وجب عليه من الوقوف فيما علم دخوله في الموقف.
(٤) توضيح ذلك : أن هناك فرقا بين التكاليف الوجوبية والتحريمية ، نظرا إلى أن الوجوب متعلّق بعنوان الواجب نفسه ، ويطلب إيجاد ما ينطبق عليه هذا العنوان خارجا ، فمتعلّقه واقع تحت الطلب ، ومقتضاه لزوم إحراز تحققه في الخارج ، وعدم الاكتفاء بالمشكوك ، لكونه شكا في مرحلة الامتثال بعد تنجز التكليف. أمّا الحرمة فهي عند التحقيق ليست كذلك ، بل مشروطة بكون الفعل مصداقا لعنوان الحرام ، بمعنى أنه إذا كان الفعل بحيث لو وجد لكان الهويّة الكذائية كان فعله حراما ، وإلاّ فلا ، وعليه فمتعلّقه خارج عن دائرة الطلب مأخوذ شرطا لتعلّقه معلّقا عليه ، فلا يلزم إحراز تركه ، بل يكون الشك فيه شكا في التكليف ومجرى للبراءة.
وبالجملة كلّ من الوجوب والحرمة متعلق بالوجود الواقعي ، إلاّ أن مقتضى تعلق الوجوب به أنه مع الشك فيه يشكّ في حصول الامتثال ، وقاعدة الاشتغال تقتضي لزوم الإحراز ، أمّا الحرمة فمقتضى تعلّقها به أنه مع الشك يُشكّ في التعلق والأصل البراءة ، وسرّ الفرق ما أفاده قدسسره من الوقوع تحت الطلب وعدمه.
(٥) في قبال اشتراطه بالانطباق على عنوان متعلقة ـ كما في التحريمي.