التشريعيّ المقتضي لذلك هو التحريم (١) ، والمجعول الشرعيّ المعبّر عنه باسم المصدر هو الحرمة ، ومعروضها هو الحرام ، والحلال ما يقابل ذلك. أمّا استناد المنع والترخيص المذكورين إلى مبغوضيّة الشيء في حدّ نفسه وعدم مبغوضيّته كذلك ، أو استقلال الجعل (٢) المقتضي لذلك ، فهو خارج عن مدلول اللفظ لغة وعرفا (٣) ، ويشهد لذلك الاستعمالات الواردة فيما نحن فيه وأشباهه في لسان الرواة وجواب الأئمّة ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ بحيث يظهر منه أعميّة حاقّ مدلول اللفظ عن القسمين ، لا لأجل تجوّز فيه : ـ فمنها : ما رواه الكليني قدسسره (٤) بإسناده عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عبد الجبّار قال : كتبت إلى أبي محمّد ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ : هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ ، فكتب عليهالسلام « لا تحلّ الصلاة في حرير محض ».
__________________
(١) إذ يقال : حرّم الله الخمر أو شرب الخمر ـ أي جعل حرمته ، أو جعله حراما ـ فجعله تحريم والمجعول هو الحرمة ومتعلّقها ـ الخمر أو شربه ـ هو الحرام.
(٢) أي : كونه خطابا نفسيّا لا غيريا.
(٣) فإنّ المنع المقوّم لمفهوم الحرمة متحقّق حتّى فيما لم يكن للشيء مبغوضيّة ذاتيّة ، ولم يكن تحريمه بخطاب مستقلّ.
(٤) رواه عنه في الوسائل في الباب ١١ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ٢ ، والسند صحيح ، ورواه الشيخ قدسسره في التهذيبين عن الكليني. والشاهد فيه تعبيره عليهالسلام بعدم حلّ الصلاة في الحرير المحض ـ الظاهر في المانعيّة دون الحرمة النفسيّة.