التكاليف بها يتصوّر على وجهين : فتارة لدخلها ـ كالبلوغ مثلا ـ في ملاكه ، فلا يفوت العاجز مصلحة أصلا ـ كما في الحجّ ونحوه ـ ، وأخرى لتوقّف حسن الخطاب عليه بعد اطّراد ملاكه (١).
والكاشف عن الأوّل (٢) هو أخذها شرطا شرعيّا في لسان الدليل المسوق للتأسيس (٣) ، دون التقرير لما يستقلّ به العقل ، فيكشف ذلك عن ترتّبه خطابا وملاكا عليها ، ويكون المدار فيها على القدرة العرفيّة
__________________
على أحد الوجهين : أما الأخيران فاشتراط التكليف بهما إنما هو لتوقّف حسن الخطاب عقلا عليهما ، وأما البلوغ فلدخله في الملاك خاصة دون حسن الخطاب ، لصحة خطاب الصبي المميّز ، وأما العقل والتمييز فلدخلهما في الأمرين ، وهذا كلّه بخلاف القدرة فإنّها تارة دخيلة في الخطاب فقط ـ كما في أغلب التكاليف ـ وتسمّى بالقدرة العقليّة ، وأخرى دخيلة في الملاك زائدا على دخلها في الخطاب ـ كما في الحج والوضوء ـ ويعبّر عنها بالقدرة الشرعيّة.
(١) بالنسبة إلى القادر والعاجز.
(٢) بيان للفارق الإثباتي بين القسمين.
(٣) توصيف بمنزلة التعليل ، توضيحه أن الظاهر في كلّ ما أخذ في لسان الدليل أن يكون تأسيسا ومما يكون بيانه من وظيفة الشارع وعلى عهدته ولا يعلم إلاّ من قبله ، لا تقريرا لما يستقل به العقل وإرشادا إليه ، إذ يكفي فيه الإيكال إلى حكم العقل ، فلا داعي إلى تكلّف البيان ، ومقتضاه أن يكون أخذ القدرة شرطا في لسان الدليل ناشئا عن دخلها في الملاك ، شأنها شأن الشرائط الخاصة ، فيستكشف منه إنّا الدخالة المذكورة ، لا بيانا لاعتبارها في حسن الخطاب فقط ، وإلاّ لكان تقريرا بحتا ، وهو خلاف الأصل ـ كما ذكرنا.