على نفس (١) متعلّق التكليف عند فعليّة خطابه ، ولا عبرة بالقدرة العقليّة التي لا يراها العرف مصداقا لها (٢) ، ولا بالقدرة على تحصيلها مع العجز الفعلي عن متعلّق التكليف (٣) ، ويجوز التعجيز عنه اختيارا قبل حلول زمانه وفعليّة التكليف (٤) ، إلاّ إذا قام الدليل على عدم جوازه (٥) أو
__________________
(١) هذا أحد الفوارق المهمّة بين قسمي القدرة ، والوجه فيه أن القدرة إذا أخذت في لسان الدليل حملت ـ كسائر القيود المأخوذة في الدليل ـ على معناها العرفي تعويلا على الظهورات العرفية للألفاظ ، ومقتضاه إرادة القدرة العرفية ـ دون العقلية ـ ، على متعلق التكليف نفسه ـ دون القدرة على تحصيل القدرة عليه ـ ، وعند فعلية خطابه ـ لا قبلها ولو بتعجيز نفسه. أمّا إذا لم يؤخذ في لسان الدليل فالعبرة فيها بنظر العقل ، وهو مستقل بكفاية القدرة الحقيقيّة التكوينيّة ولو بالقدرة على تحصيل القدرة ، بل وإن كان قبل فعليّة الخطاب ، وسيأتي ذكره.
(٢) كما إذا تمكّن من الامتثال بتحمّل جهد كثير فوق الطاقة العادية ، بحيث يلحقه بالعاجز في نظر العرف وإن كان متمكنا حقيقة.
(٣) إذ لا يصدق عرفا ـ على العاجز فعلا المتمكن من تحصيل القدرة بفعل المقدمات ـ أنّه قادر ، بل هو فعلا عاجز ، وإن اكتفى به العقل في حسن توجيه الخطاب إليه لكفاية القدرة الشأنية والقدرة على تحصيلها في ملاك حسنة.
(٤) فإنّ من كان قادرا قبل فعليّة الخطاب فعجز حينها ـ وإن كان بتعجيز نفسه ـ لا يصدق عليه حينها أنه قادر ، فلا يشمله الدليل ، بل لا مانع من التعجيز الاختياري ، لعدم الدليل على حرمته شرعا ، ولا على استحقاق العقوبة عليه عقلا ، وقاعدة ( الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ) غير جارية في المقام ـ كما حقّقه قدسسره في الأصول.
(٥) أي عدم جواز التعجيز ، كما حكي القول به عن بعض في مسألة إراقة الماء أو إبطال الوضوء قبل الوقت مع العلم بعدم وجدان الماء أثناءه.