يتضمّنه القضيّة إلاّ معنى حرفيّا ، فبنوا (١) على تثليث أجزاء القضيّة ، وقسّموا النسبة في حاقّ حقيقتها إلى ثبوتيّة وسلبيّة ، حذو ما قسّموا الرابط الخارجيّ (٢) ـ الذي يقع ما في القضيّة بإزائه ـ إلى وجوديّ هو نفس وجود المقولات ـ ، وعدميّ هو عدمها ، فانطبقت الحكاية بذلك على المحكيّ بحذافيرهما.
ولقد أجادوا فيما صنعوا (٣) ، ولكنّهم ـ مع ذلك ـ فقد غفلوا
__________________
(١) تفريع على ( تنبّهوا ) ، والأجزاء الثلاثة هي الموضوع والمحمول والنسبة الثبوتيّة في الموجبة والسلبيّة في السالبة ، وقد مرّ ـ آنفا ـ عدم الاثنينيّة بين النسبة وبين الثبوت أو السلب ، وأنّها في حقيقتها إمّا هي ثبوت شيء لشيء أو سلبه عنه.
(٢) وهو النسبة الخارجيّة الحاصلة بين الطرفين ، والقائمة بهما في القضيّة الخارجيّة ، ويسمّى بالوجود الرابط ، في قبال الوجود المستقلّ ( الوجود في نفسه ) المنقسم إلى ما وجوده لنفسه ـ كالجواهر ـ ، ويسمّى بالوجود النفسيّ ، وما وجوده لغيره ـ كالأعراض ـ ، ويسمّى بالوجود الرابطيّ أو الناعتيّ ، وتقع النسبة الكلاميّة بإزاء هذا الرابط الخارجيّ موجدة له ، أو حاكية عنه ـ على الخلاف.
فالمراد أنّهم كما قسّموا الرابط الخارجيّ إلى وجوديّ وعدميّ ، كذلك قسّموا ما بإزائه من الرابط الكلاميّ إلى ثبوتيّ وسلبيّ ، وكما أنّ الرابط الخارجيّ في حقيقته هو وجود المقولة لما تقال عليه أو عدمها عنه ، كذلك الربط الكلاميّ في هويّته هو ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه ، وبذلك ينطبق تمام الحاكي على تمام المحكيّ ، فيتطابقان بحذافيرهما.
(٣) من رفض القولين الأوّلين ، وعدم جعل الوقوع أو اللاوقوع جزءا