ذلك البون البعيد (١) ـ كما لا يخفى.
وليس مجرّد تعويلهم على هذا الأصل في إحراز حال من يشكّ في نسبه ما لم يصل حدّ الإجماع مجديا في حجّيّته (٢) ، بعد اضطراب
__________________
(١) فإنّ تبديل العنوان الأوّلي إلى الثانويّ الانتزاعيّ تبعيد للمسافة ، فإذا لم يجد استصحاب العدم المقارن من الأوّل في تنقيح حال المرأة وكان البون إليه بعيدا ، لم يجد فيه استصحاب العدم المقارن من الثاني بطريق أولى ، بل يصبح البون معه أبعد.
(٢) يعني أنّ أصالة العدم التي ادّعى شيخنا الأنصاري قدسسره تسالمهم على العمل بها في جميع المقامات إن قام الإجماع على العمل بها كذلك ، أو في خصوص باب النسب كفى ذلك في إثبات حجيّتها ، لكن لا إجماع تعبديّ معتبر عليه كاشف عن رأي المعصوم ، لاستناد المعوّلين على هذا الأصل إلى أصول وقواعد أخر ، فإنّ جملة منهم جعل أصالة العدم ـ مطلقا ـ من الأصول العقلائيّة التي لا مساس لها بالاستصحاب ، وجملة أخرى أرجعها إلى الاستصحاب ، وهؤلاء أيضا مختلفون في أنّ الاستصحاب أمارة ظنيّة أو أصل عمليّ ، والقائلون بأصليّته بين من يرى حجيّة الأصول المثبتة وبين من لا يراها ، فمن المحتمل ـ قويّا ـ أنّ هؤلاء عوّلوا على الأصل المذكور في المقام بناء منهم على كونه أمارة معتبرة ، ومثبتات الأمارة حجّة ، أو بناء منهم على حجّية المثبتات حتى في الأصول العمليّة ، إذن فلا إجماع تعبّدي في المقام ، كما ولم يتمّ عندنا شيء من المباني المذكورة.
وبالجملة : فإن تمّ ما قوّيناه من جريان السيرة العقلائيّة على سلب النسب عن مشكوك الانتساب فهو ، وإلاّ فالاستصحاب لا يجدي إلاّ لإحراز عدمه المقارن دون النعتيّ إلاّ بناء على الأصل المثبت.