الضرورة بالاشتراك في التكليف (١) ، وحينئذ فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلّهم على إرادة خلافها ، وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالإجماع ونحوه ، فيحتمل الاعتماد في تعريفنا بسائره (٢) على الأمارات المفيدة للظنّ القويّ ، وخبر الواحد من جملتها ، ومع قيام هذا الاحتمال ينتفي القطع بالحكم الشرعي (٣) ، ويستوي حينئذ الظنّ المستفاد من ظاهر الكتاب والحاصل من غيره بالنظر إلى إناطة التكليف به ، لابتناء الفرق بينهما على كون الخطاب متوجّها إلينا وقد تبيّن خلافه ، ولظهور اختصاص الإجماع والضرورة ـ الدالّين على المشاركة في التكليف (٤) المستفادة من ظاهر الكتاب ـ بغير صورة وجود الخبر الجامع للشرائط الآتية ، المفيد (٥) للظنّ الراجح بأنّ التكليف بخلاف ذلك الظنّ الظاهر ، ومثله يقال في أصالة البراءة لمن التفت إليها بنحو ما ذكر أخيرا في ظاهر الكتاب (٦). انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه من وجوه النظر ما لا يخفى سؤالا وجوابا :
أمّا على الأوّل ، فلأنّ الواجب على الحكيم سوق الكلام ، على ما يقتضيه المقام باختلافه باحتفافه على القرائن المفيدة للمطلوب من غير تقصير له في البيان ، وأمّا قصور فهم المخاطب عن إدراك القرائن بواسطة غباوته أو سهوه أو نسيانه وأمثال ذلك (٧) ممّا لا دخل له بالحكيم ، فلا يجب عليه رفعه ، فعلى هذا لا يفيد ضمّ المقدّمة الخارجية في إفادة القطع كما هو ظاهر السؤال ، مع أنّا نقطع بأنّ كثيرا من خطابات المشافهة ـ الصادرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام للمخاطبين المشافهين ـ لا يزيد على إفادة الظنّ كما لا يخفى ، فلا يصحّ دعوى الفرق بين خطابات الحكيم وغيره في ذلك فتأمّل.
__________________
(١) المصدر : باشتراك التكليف بين الكلّ.
(٢) المصدر : بسائرها.
(٣) المصدر : ـ الشرعي.
(٤) المصدر : التكاليف.
(٥) في النسختين : المفيدة.
(٦) معالم الدين : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٧) في هامش « ش » : كاختفاء بعض القرائن بسبب الفناء.