للتعرّض لهما (١) فيما نحن فيه إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم إجمالا أنّ شمول أدلّة الأخبار للأخبار الحدسية يلازم جواز تقليد المجتهدين ، فإنّ المراد من الخبر حينئذ ما يقابل الإنشاء ، وفتوى المجتهد خبر عن قول الإمام ، أو عن رضاه عليهالسلام وبطلان اللازم كالملازمة واضح.
ولا دليل على لزوم حمل الإجماعات في كلمات أصحابنا كالشيخ والسيّد وأضرابهما على المعنى الاصطلاحي إلاّ ما قد يتخيّل من أصالة إرادة كلّ متكلّم عن كلّ لفظ له فيه اصطلاح المعنى الذي اصطلح عليه (٢) ما لم يدلّ على خلافه دليل ، وهذا أيضا غير مقيّد في المقام ؛ لوجود موهنات كثيرة للحمل على هذا المعنى مثل أنّ جملة من الإجماعات المنقولة مخالفة لما اشتهر بينهم بل بعض مدّعي الإجماع قد ناقضه بنفسه في كتاب آخر ، بل في باب آخر ، وبعض آخر منهم قد صرّحوا بأنّ دعوى الإجماع مبنيّة على كون مدارك المسألة إجماعية ، فقد ذكر المحقّق (٣) في بعض الموارد أنّ دعوى الإجماع فيه لكون دليل المسألة البراءة واعتبارها إجماعي ، ولا ريب أنّ بعد ملاحظة هذه الموهنات لا يبقى بعد وثوق بإرادة المعنى المصطلح منها.
لا يقال : فيلزم فسقهم من جهة تدليسهم و (٤) حاشاهم عن ذلك.
لأنّا نقول : إنّما يلزم ذلك لو علمنا أنّ مقصودهم من الإجماع أن يكون دليلا لمن تأخّر عنهم ولم يعلم.
ثمّ [ إنّ ] لبعض أفاضل متأخّري المتأخّرين ـ وهو الشيخ الأجلّ الشيخ أسد الله الدزفولي (٥) ـ مسلكا آخر في اعتبار الإجماع المنقول ، وحاصله الفرق والتفصيل بين الإجماع الكاشف عن رضا المعصوم ونقله ، وبين نقل المنكشف ، وتحقيقه أنّ الإجماع
__________________
(١) « ل » : لها.
(٢) « ل » : فيه.
(٣) الرسائل التسع : ٢١٦ في توجيه كلام السيّد المرتضى.
(٤) « ل » : ـ و.
(٥) كشف القناع : ٤٠٠.