وأمّا الكلام في الجهة الثانية ، فالكتاب والأخبار النبوية معلومة جهة صدورهما ؛ حيث إنّه لا معنى للتقية هناك.
وأمّا الأخبار الإمامية ـ ولو كانت متواترة ـ فيحتمل صدورها على وجه الاتّقاء إلاّ أنّ التقية هي التورية على ما اقتضته المصلحة ، ولا يصار إليها إلاّ بعد دلالة دليل عليها ، وعلى تقدير عدمه فالأصل عدمها.
مضافا إلى أنّ الظاهر من الكلام على ما تقدّم أن يكون مسوقا لبيان ما هو المتعارف استفادته منه في العادة.
وأمّا الكلام في الجهة الأولى ، فالكتاب قطعي الصدور ، ولا حاجة إلى تجشّم استدلال كما قد ارتكبه البعض ، وكذا السنّة المتواترة على تقدير وجودها.
وأمّا أخبار الآحاد ، فهي العمدة في المقام ، فذهب بعض قاصري الدراية من الأخبارية إلى أنّ صدورها قطعي ، واستند في ذلك الفاضل المحدّث الحرّ العاملي (١) إلى وجوه تبلغ ثلاثة وثلاثين.
وأورد أمينهم في فوائده (٢) وجوها عديدة متقاربة لا دلالة في كلّها فضلا عن بعضها على المدّعى.
واستقربه المحدّث البحراني (٣) ، وحيث إنّ فساد الدعوى بمكان من الوضوح ، فلا غائلة في الانصراف عنها إلى ما هو أهمّ.
وذهب جملة منهم إلى أنّها قطعية اعتبارا بواسطة شهادة المؤلفين على صحّة مؤلّفاتهم ، وتبعهم في ذلك بعض الأصوليين (٤) إلاّ أنّه اشترط شرطين :
__________________
(١) لم أجده. انظر وسائل الشيعة ( الخاتمة ) ٣٠ : ١٩٣ وما بعدها ؛ تحرير وسائل الشيعة : ١٣٨ و ٢٠٩.
(٢) انظر الفوائد المدنية : ١٣٦ وما بعدها ، ١٧٤ ـ ١٧٨. وفي ط الحجري : ٦٣ وما بعدها ، ٨٨ ـ ٨٩.
(٣) انظر الدرر النجفية : ١٦٦ ـ ١٦٩.
(٤) كالتوني في الوافية : ١٦٦.