على العفو فيه وهو المطلوب.
لا يقال : إنّ المتجرّي لم يصدر منه ما يزيد على العزم ؛ إذ المفروض عدم تحقّق الحرام في فعله ، فأخبار العفو ناهضة في المقام.
لأنّا نقول : إنّ (١) مجرّد عدم تحقّق الحرام لا يكفي في عدم تحقّق فعل منه غير العزم ؛ فإنّه يحتمل ترتّب العقاب على تشبيهه بالعاصي كما هو الوجه أيضا ، ولذلك ترى الشهيد رحمهالله في القواعد مع حكمه بالعفو في العزم تنظّر في المقام حيث قال :
فائدة : لا تؤثّر نيّة المعصية ذمّا ولا عقابا ما لم يتلبّس بها ، وهو ممّا ثبت في الأخبار العفو عنه ، ولو نوى المعصية وتلبّس بما يراه معصية ، فظهر بخلافها ، ففي تأثير هذه النيّة نظر من أنّها [ لمّا ] لم تصادف المعصي فيه ، صارت كنيّة مجرّدة وهي غير مؤاخذ بها ، ومن دلالتها على انتهاكه الحرمة والجرأة على المعاصي.
قال : وقد ذكر بعض الأصحاب أنّه لو شرب المباح متشبّها بشارب المسكر ، فعل حراما ، ولعلّه ليس بمجرّد النيّة بل بانضمام فعل الجوارح.
قال : ويتصوّر محلّ النظر في صور :
منها : لو وجد امرأة في منزل غيره فظنّها (٢) أجنبية فأصابها ، فتبيّن أنّها زوجته ، أو أمته.
ومنها : لو وطئ زوجته مظنّة (٣) أنّها حائض ، فبانت طاهرا.
ومنها : لو هجم على طعام بيد غيره ، فأكل منها ، ثمّ تبيّن أنّه ملك الآكل.
ومنها : لو ذبح شاة بظنّها ملك الغير ، فظنّ العدوان ، فظهرت ملكيّته (٤).
ومنها : ما إذا قتل نفسا بظنّها معصومة ، فبانت مهدورة.
ثمّ بعد ذلك أفاد قدسسره بأنّه قد قال بعض العامّة : يحكم بفسق متعاطي ذلك ؛ لدلالته
__________________
(١) « ل » : إنّ.
(٢) « ل » : فظنّ أنّها.
(٣) « ش » : فظنّه ، وفي المصدر : لظنّها.
(٤) المصدر : بقصد العدوان ... ملكه.