وجه لجريان البراءة وأختها كما هو ظاهر.
وأمّا الاستصحاب ، فلم يدلّ دليل على اعتباره إلاّ عدّة من أخبار (١) الآحاد ، ولا سبيل إلى الاستناد إليها في مثل المقام كما لا يخفى ، وبعد الغضّ عن ذلك والتزام قطعية الأخبار الواردة فيه (٢) ـ إمّا بدعوى تواترها ، أو باحتفافها بقرائن تدلّ على صدق إسنادها إليهم عليهمالسلام كما ادّعي ـ الإشكال في ظنّية دلالتها ، غاية ما في الباب الاستناد إلى الأصول اللفظية من أصالة الحقيقة ونحوها ، وقد عرفت أنّ المرجع فيها في الحقيقة هو بناء العقلاء ، ففي مقام استقرّ بناؤهم على أمر (٣) ـ كما هو المفروض ـ كيف يتمشّى الأخذ بأصالة الحقيقة كما لا يخفى؟
وبالجملة ، أنّا نمنع من اعتبار الأصول اللفظية فيما انعقد (٤) إطباق العقلاء على خلاف مفادها سواء كان المرجع فيها إلى حكم العقل ، أو بناء العقلاء.
ومن هنا يظهر عدم جواز التمسّك بإطلاقات الآيات الناهية عن العمل بمطلق ما وراء العلم في قبال ما ذكر.
فإن قيل : إنّ (٥) حجّية الاستصحاب لو كانت (٦) من جهة ما يحصل منه الظنّ بالمستصحب ، جاز القول بعدم اعتباره فيما انعقد بناء العقلاء على خلاف مقتضاه ، وأمّا لو كانت (٧) من جهة التعبّد به ، فلا وجه لترك الاستصحاب في قباله ؛ إذ مقتضى التعبّد اعتباره مطلقا غير مقيّد بشيء ، وذلك ظاهر فيما لو كان الظنّ على خلاف الاستصحاب ، هذا غاية ما عندنا من البيان إلاّ أنّه مع ذلك لا ينطبق على الدعوى ، ولا ينهض بتمام المدّعى ؛ فإنّ النسبة بين الدليل والمدّعى في المقام هي العموم من وجه ؛ إذ ليس بناؤهم على العمل بكلّ خبر وإن لم يكن ممّا يعتمد عليه ويوثق به ، ويخرج به
__________________
(١) « ل » : الأخبار.
(٢) « ل » : فيها.
(٣) « ل » : ـ على أمر.
(٤) « ل » : اعتقد؟
(٥) « ل » : ـ إنّ.
(٦) في النسختين : كان.
(٧) في النسختين : كان.