العمل به كما هو المحكي عن ابن قبة (١) وتابعيه.
لأنّا نقول : إنكارهم ذلك مستند (٢) إلى شبهة حصلت لهم ، قاضية بذلك بزعمهم ولا ينافي ذلك اعتمادهم عليه من حيث رجوعهم إلى ديدنهم البسيطة الخالصة من شوائب الريب والشبهات كما هو الشأن في أمثال المقام من الأمور الوجدانية المتنازع فيها كالتبادر ونحوه.
فإن قلت : غاية ما يمكن أن يستفاد ممّا ذكر تقرير المعصوم عليهالسلام على العمل بخبر الواحد حيث لا دليل على اعتبار الاتّفاق المذكور إلاّ ما قد (٣) عرفت وهو بمكان من الضعف بعد ما أسلفنا لك من الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بما وراء العلم ، فإنّها ردع منهم عليهمالسلام عن العمل المذكور.
قلت : قد تقدّم أنّ الأدلّة المذكورة مرجعها إلى أمرين :
أحدهما : أنّ التشريع محرّم مثل ما دلّ على عدم جواز الافتراء على الله سبحانه.
وثانيهما : أنّ طرح الأصول العملية المقطوع بها من غير علم يرتفع به موضوعها غير جائز كما هو قضية تعليقها على العلم ، وعلى التقديرين لا ينهض ردعا.
أمّا الأوّل ، فلأنّ بعد التسليم عن استقرار بناء العقلاء على شيء لا ينبغي الارتياب في انتفاء التشريع ، وأنّه يعلم طريق الإطاعة والامتثال ، فإنّه بعد ما فرضنا من أنّ هذا هو طريق امتثال العبيد بالنسبة إلى مواليهم فهو في الحقيقة محقّق لموضوع لم يكن قبل.
وأمّا الثاني ، فلأنّ البراءة والاحتياط والتخيير منها (٤) وإن كان قد ورد من الشرع ما يدلّ على اعتبارها إلاّ أنّ العمدة فيها هو حكم العقل المستقلّ القاطع بها على حسب مواردها كما سيأتي إن شاء الله ، ومن المعلوم أنّ بعد ما فرضنا من إطباقهم على ذلك لا
__________________
(١) حكى عنه المحقّق الحلّي في معارج الأصول : ٢٠٣.
(٢) « ل » : مستندة.
(٣) « ش » : ـ قد.
(٤) « ل » : منهما؟