تدوينهم أحوال رجال الرواية وما نصّهم الأخبار الموجبة للهداية ، وتصنيفهم الكتب الفقهية المورثة للدراية ، لاندرست آثار الشريعة.
وبالجملة ، بعد ملاحظة الآيات المذكورة ، والأخبار المسطورة والإجماعات المحكيّة ، عن الشيخ (١) وابن طاوس (٢) والعلاّمة (٣) لنا (٤) يحصل القطع ـ بحيث لا يشوبه ريب ، ولا يدانيه شكّ ـ برضا المعصوم عليهالسلام على العمل بالأخبار الموثّقة المعمولة المقبولة التي تسكن النفس لدى العمل بها ولو من فاسق بل وكافر ، ولا ينبغي الجمود على ظاهر العدالة بعد ما قرّرنا من أنّها تكشف عن وثاقة الرواية.
قال الأستاذ دام ظلّه : ولست أوّل من اخترع هذا المذهب ، فإنّه بعينه هو المنقول من (٥) القدماء ، فهذا شيخنا البهائي قد أورد في مشرق الشمسين (٦) على ما حكاه المحقّق الثالث رحمهالله عنه ما فيه غنية عن غيره ، فراجعه.
وقد يستدلّ للقول باشتراط العدالة بوجوه :
منها : ظاهر آية النبأ وقد مرّ وجه التقريب والمناقشة.
ومنها : الإجماعات المنقولة في جملة من (٧) كلمات أساطين الفنّ وقد مرّت (٨) الإشارة إليها بجوابها.
ومنها : جملة من الأخبار المأثورة في الباب ، وبرهة من الآثار المسطورة في أحوال الأصحاب مثل ما روي عنهم عليهمالسلام بعد ما سئل عنهم : « خذوا [ بـ ] ـما رووا وذروا ما رأوا » (٩) فإنّه بظاهره يعطي اشتراط العدالة ، وإلاّ فلا وجه للسؤال كما لا يخفى.
__________________
(١) العدّة ١ : ١٢٦.
(٢) فرج المهموم : ٤٢.
(٣) قاله في نهاية الوصول كما عنه في المعالم : ١٩١ ؛ الوافية : ١٥٩ ؛ فرائد الأصول ١ : ٣٣٣.
(٤) « ل » : ـ لنا.
(٥) « ل » : عن.
(٦) انظر مشرق الشمسين : ٢٦.
(٧) « ش » : ـ من.
(٨) « ش » : مرّ.
(٩) الوسائل ٢٧ : ١٠٢ و ١٤٢ ، باب ٨ و ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٧٩ و ١٣. وسيأتي في ـ ص ٢١١.