بالخصوص نقلا وعقلا ، وحاصلها اعتبار الأخبار الموثوق بها ، ولكن ينبغي أن يعلم أنّ الوثوق أمر إضافي لا ينضبط غالبا بل هو موكول إلى نظر المجتهد ، فربّما يتخيّل من لا خبرة له بأمر الأخبار والرواة أنّ شيئا من الروايات المودعة في كتب أصحابنا كالكافى والتهذيب والوافى والفقيه مثلا ممّا لا وثوق بها بل إنّما هو مجرّد سواد على بياض ، كما أنّه قد يتوهّم أنّ جلّ الأخبار بل كلّها أخبار موثوقة ، ولا اعتبار بما تخيّل ، ولا بما توهّم بل لا بدّ من العامل بذل جهده في تشخيص غثّها عن سمينها ، وصحيحها عن سقيمها ، ولنشرع في بيان الوجوه التي تدلّ بعمومها على حجّية الخبر وهي لعموم قضيتها وإن كانت تشمل غير الخبر من الأمارات الظنّية إلاّ أنّ بعد ما قرّرنا من اعتبار الأخبار الموثوقة يمكن استرجاع الدليل هذا إلى الخبر بدعوى كفايته في الفقه حيث إنّه لا يختصّ صنفا خاصّا دون غيره وكونه القدر المتيقّن.
ثمّ إنّا لمّا نفترق بين المسائل الأصولية والموارد الفقهية في العمل بالظنّ الموثوق به ، فلو ظنّنا ظنّا موثوقا به باعتبار أمارة ظنّية غير (١) موثوق بها ، نلتزم بالعمل (٢) بها كما لو حصل لنا الظنّ الذي يسكن إليه النفس باعتبار الشهرة مثلا أو الأولوية الظنّية مثل ما لو حصل الوثوق في الحكم الفرعي من نفس الأولوية التي لا ترجع إلى دلالة اللفظ كما نرى في الحكم بحرمة امرأة ذات عدّة على من دخل بها في أيّام العدّة احتراما للفروج ، فإنّها أولى من امرأة ذات بعل (٣) أولوية لا تكاد تنكر بل لا يستبعد (٤) أن يستند إليها القائل بالظنّ الخاصّ أيضا كالأولوية التي تكون في أفعال الصلاة بالنسبة إلى ركعاتها مثلا ، لو قلنا بكفاية الظنّ في إحراز ركعات الصلاة عند الشكّ فيها ، نقول : إنّه (٥) أولى في الكفاية عن إحراز (٦) الركعات ـ وهي الأفعال ـ أولوية موثوقة بها كما هو
__________________
(١) « ل » : ـ غير؟
(٢) « ل » : من العمل.
(٣) « ل » : البعل.
(٤) « ل » : لا يبعد.
(٥) « ل » : إنّها.
(٦) هنا زيادة استدركت في هامش « ل » : ما يجب في.