أنّهم ليسوا من أهل الظاهر أيضا حيث زعموا أنّ المجتهد في مقام الاجتهاد بعد الفحص والبحث ما فهمه من الدليل هو حكم الله الواقعي في حقّه ، وليس هناك حكم واحد واقعي يصل إليه تارة ، ولا يصل إليه أخرى مستندين في ذلك إلى قاعدة اللطف على حذو ما استند إليها (١) جماعة من قدماء أصحابنا في تحصيل الإجماع كالشيخ والسيّد في أوّل أمره وغيرهما.
مضافا إلى جملة من الروايات الدالّة على أنّ لله تعالى في كلّ زمان حجّة كي إن زاد المؤمنون شيئا يردّهم ، وإن نقصوا شيئا أتمّه لهم (٢) ، وذلك منهم بمكان من الضعف والوهن ؛ للزوم التصويب في وجه ، وعود النزاع لفظيا في وجه آخر.
مضافا إلى إطباق أصحابنا على خلافه ، واستلزامه استعمال اللفظ في أكثر من معنى حيث إنّ الخطاب واحد ، والأحكام المستفادة منه متعدّدة (٣) على هذا التقدير ، مع انتفاء الجامع قطعا في أكثر الموارد وعدم دلالة دليل عليه ، ومع الغضّ عن ذلك كلّه ، فلا يضرّنا في المقام ؛ إذ غاية ما في الباب أنّ المجتهد بعد استفادة الحكم من الدليل يعلم بالحكم الواقعي على ما هو المدّعى في كلامهم ، والكلام في المقام في تعيين الدليل الذي يمكن استفادة الحكم الواقعي منه كما لا يخفى ، ولعمري بطلان المذهب يكفي لنا عن إبطاله (٤) ، فهو بالإعراض عنه أجدر.
وأمّا انسداد باب العلم الشرعي ، فهو موكول إلى ما سبق ، فإن قلنا بحجّية أخبار (٥) الآحاد ـ كما هو المشهور بين أصحابنا بل ومخالفينا أيضا ـ فلا شبهة في انفتاح باب العلم على هذا التقدير ، وإن قلنا بعدم حجّيتها لعدم وجود دليل عليها ، فالانسداد الأغلبي ممّا لا يدانيه ريب.
__________________
(١) « ل » : إليه.
(٢) بحار الأنوار ٢٣ : ٢١ و ٢٤ و ٢٦ ، باب ١ ، ح ١٩ و ٣١ و ٣٥ و ٣٦.
(٣) في النسختين : متعدّد.
(٤) « ل » : بطلانه.
(٥) « ش » : الأخبار.