أو القطعية ، ومن الموضحات لما ذكرناه ـ من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم عن الخطأ في مادّة الفكر ـ أنّ المشّائين ادّعوا البداهة في أنّ تفريق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخص (١) ، وإحداث لشخصين آخرين ، وعلى هذه المقدّمة بنوا إثبات الهيولى ، والإشراقيين ادّعوا البداهة في أنّه ليس إعداما للشخص الأوّل ، وإنّما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتّصال.
ثمّ قال : إذا عرفت ما مهّدناه من الدقيقة الشريفة ، فنقول : إن تمسّكنا بكلامهم عليهمالسلام ، فقد عصمنا من الخطأ ، وإن تمسّكنا بغيره ، لم نعصم منه (٢) إلى غير ذلك ممّا ذكرناه في المقام ، والمستفاد من كلامه رحمهالله عدم حجّية إدراكات العقل في غير المحسوسات وما يكون مباديه قريبة من المحسوسات بل وفيما يقطع به على سبيل البداهة إذا لم يكن محسوسا أو قريبا منه (٣) إذا لم يكن ممّا توافقت عليه العقول ، وتسالمت فيه الأنظار ، وقد استحسنه في ذلك جماعة ممّن تأخّر عنه.
فمنهم السيّد الجزائري في أوائل شرح التهذيب بعد نقله (٤) كلام الأمين بطوله قال : تحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه ، ثمّ أورد على نفسه سؤالا بأنّه بعد ما عزلت العقل عن الحكم في الأصول والفروع ، فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل؟
فأجاب عنه بقوله : أمّا البديهيات ، فهي له وحده [ وهو الحاكم فيها ] ، وأمّا النظريات ، فإن وافقه النقل وحكم بحكمه (٥) ، قدّم حكمه على النقل وحده ، وأمّا لو تعارض هو والنقلي ، فلا شكّ عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى حكم العقل.
ثمّ فرّع على هذا الدليل فروعا كثيرة وقضية كلامه حجّية العقل في البديهيات ،
__________________
(١) المصدر : لشخصه.
(٢) الفوائد المدنية : ٢٥٦ ـ ٢٥٩ ، وفي ط الحجري : ١٢٩ ـ ١٣١.
(٣) « ل » : من الحسّ.
(٤) « ل » : نقل.
(٥) في المصدر : بحكم.