ليس هو الاحتياط ، وانفتاح باب العلم على ما يزعمه غيره لا يضرّه ، فإنّه يراه في سبيل باطل ، وطريق عاطل ، وذلك نظير ما قد قيل من أنّ تقليد الأعلم على القول به يوجب العسر في تمييز (١) الأعلم عن غيره ، فلا ينافيه اعتقاد المقلّدين أعلمية فقيه دون فقيه ؛ إذ لا يناط الحكم الواقعي باعتقادهم ، والكلام إنّما هو في الجعل الواقعي المتعلّق بموضوع كذائي ، فيتوجّه عليه أنّه لو كان كذلك ، يلزم العسر وذلك ممّا لا يكاد يخفى.
نعم ، قد يتوجّه هذا الكلام في المقام فيما لو فرضنا انفتاح باب العلم لواحد من المجتهدين واقعا يتمكّن من الوصول إلى معدن العلم ، فيلتزم بلزوم رجوع المقلّد إليه ، فلا يلزمه عسر على ما فرضناه إلاّ أنّه خارج عمّا هو مفروض المستدلّ. هذا تمام الكلام في لزوم العسر على تقدير الاحتياط في العبادات (٢) ، وأمّا في المعاملات ، فيظهر من ملاحظة ما قرّرنا في غيرها كما لا يخفى.
فإن قلت : قد يؤدّي ظنّ المجتهد إلى ما يوجب العسر مثل ما (٣) إذا ظنّ بوجوب الترتيب في الفوائت ، فإنّ لزوم العسر فيما إذا لم يعلم ترتيب الفائتة خصوصا مع كثرتها ممّا لا ريب فيه ، وكذا إذا ظنّ بفورية القضاء ، وكذا إذا ظنّ بوجوب الغسل فيما لو أجنب المكلّف عمدا وإن أصابه ما أصابه ، وكذا إذا ظنّ بواجبات كثيرة في وقائع عديدة ترد عليه دفعة مثلا ، فالمحذور على تقديره مشترك الورود بين الاحتياط والعمل بالظنّ.
قلت : إن أريد أنّ ما دلّ على نفي العسر والحرج يعارضه الأدلّة الخاصّة الدالّة على لزوم ملاحظة الترتيب بين الفوائت ، فلا بدّ من ملاحظة النسبة بين الدليلين ، فسقوطه واضح حيث إنّ من المقرّر في محلّه حكومة الأدلّة الدالّة على نفي العسر بالنسبة إلى
__________________
(١) في النسخ : تميّز؟
(٢) هنا زيادة استدركت في هامش « ل » : المحذور جاز لظنّ أيضا كما؟
(٣) سقط قوله : « وأمّا في المعاملات » إلى هنا من نسخة « ل ».