يكون الغير سببا في لزومه كما في المقام ، فلا يتّجه الفرق بذلك.
قلت : لا نسلّم انحصار دلالة الأدلّة المذكورة في نفيه من أصل الشرع فقط ؛ فإنّها بعمومها شاملة للمقام أيضا بل و (١) فيما لو كان سبب لزومه إدخال المكلّف نفسه في موضوع حكم معسور ، فكيف بالمقام؟
وتوضيح ذلك : أنّ العسر تارة يلزم من أصل الشرع كأن يجعل الشارع حكم المكلّف مع قطع النظر عن عروض حادثة عسرا ، وأخرى يلزم من جهة عروض سانحة من غير أن يجعله الشارع عسرا ، فمرّة سبب عروضها غير المكلّف كما إذا صار جريحا بواسطة غيرها ، وأخرى يصير المكلّف بنفسه سببا لحدوثها ، فدفعه بواسطة إدخال نفسه في موضوع يعسر عليه أحكامه كما لو أجنب عمدا مع وجود العسر في استعمال الماء ، وأخرى بواسطة إلزامه على نفسه حكما معسورا كما إذا نذر صوم دهره أو استأجر نفسه لأمر عسر إلى غير ذلك.
فعلى الوجوه الثلاثة الأول تنهض أدلّة العسر بنفيها بلا إشكال ، وأمّا الصورة الأخيرة ، فلا نضايق القول بعدم (٢) قيام الأدلّة المذكورة بنفيها نظرا إلى ما هو المعروف من قوله عليهالسلام : « ما غلب الله شيئا على العباد إلاّ وهو أولى به » (٣) وقوله : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )(٤) انتهى. إلاّ أنّه أيضا لا يخلو عن إشكال ، فإنّ في
__________________
(١) « ل » : ـ و.
(٢) « ل » : فلا تطابق القول بعد.
(٣) الوسائل ٤ : ٨٠ ، باب ٢٠ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ٢ ، و ٤ : ٣٧٣ ، باب ١٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ٧ ، و ٨ : ٢٥٩ ـ ٢٦١ و ٢٦٣ ، باب ٣ من أبواب قضاء الصلوات ، ح ٣ ، و ١٠ : ٢٢٦ و ٢٢٧ ، باب ٢٤ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح ٣ و ٦ ، ١٠ : ٣٣٨ ، باب ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح ٨ ، و ١٠ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، باب ٣ من أبواب بقية الصوم الواجب ، ح ١٢. في كثير من المصادر : « كلّ ما غلب الله فالله أولى بالعذر ». وفي بعضها : « كلّ ما غلب الله عليه فليس على صاحبه شيء ».
(٤) الأنفال : ٢٥. وفي النسختين : واتقوا فتنة لأنفسكم.