بسائر المحتملات تحصيلا للاحتياط في تلك المرتبة ، مثلا فيما لو دار الأمر (١) بين وجوب صلاة الجمعة وصلاة الظهر ، فهناك احتياطان :
أحدهما : تعيين الواجب منهما تعيينا ظنّيا.
وثانيهما : الإتيان بغير المظنون بعد الإتيان به منهما ، ولا ينافي الاحتياط في الأوّل الاحتياط في الثاني حيث إنّ الظنّ بعد غير حجّة.
وأمّا رابعا : سلّمنا جميع ذلك لكنّه في الاحتياط وجه العمل ـ ولو في مرحلة الظاهر ـ معلوم على ما تقتضيه قاعدة الشغل وهو كاف في المعرفة وقصد الوجه ، إذ لا دليل على أنّ وجه العمل في الواقع من حيث حكمه الواقعي المتعلّق عليه ـ مع قطع النظر عن تعلّق العلم والجهل به ـ واجب بل ولا أظنّ أحدا يدّعيه أيضا ، فلو شكّ في وجوب شيء في حالة بعد العلم بوجوبه في حالة سابقة ، يحكم بوجوبه استصحابا ، ويأتي به واجبا مع أنّ وجوبه ظاهري ، فلا يتّجه الجواب المذكور في وجه كما لا يخفى.
نعم ، بقي في المقام شيء وبيانه يستدعي تمهيد مقدّمة وهي أنّه لو علمنا إجمالا بوجوب شيء ولم نعلمه بالخصوص ، فمقتضى القاعدة على ما قرّرنا في المقدّمة تحصيل الموافقة القطعية بالإتيان بجميع المحتملات حتّى يحصل العلم بالامتثال ، فإنّ الاشتغال اليقيني يقضي بالبراءة اليقينية ، فإن منع من تحصيل الامتثال اليقيني مانع عقلي أو شرعي ، فإن كان يمنع من احتمال معلوم معيّن ، فلا بدّ من الامتثال فيما عداه جزما ، وإلاّ فإن كان في المقام ما يرجّح أحد الاحتمالات ، فلا مناص من الترجيح ، وإلاّ فالتخيير في الاحتمالات ، مثلا لو اشتبهت جهة القبلة بجهات قضية الشغل أوّلا (٢) الصلاة على الجهات المشتبهة جميعا ما لم يمنع مانع ، وعلى تقديره فإن منع من جهة خاصّة ، فلا بدّ من تركها إلى غيرها من سائر الجهات ، وإلاّ فلا بدّ من الترجيح بين الجهات ، وإلاّ
__________________
(١) « ش » : أمره.
(٢) استدرك هنا في هامش « ل » بخطّ آخر « إتيان ».