الترجيح للعقلي إلاّ أنّ هذا في الحقيقة تعارض في النقليات ، وإلاّ فالترجيح للنقلي.
قال : وفاقا للسيّد المحدّث المتقدّم ، وخلافا للأكثر ، ثمّ قال بعد ذلك : هذا بالنسبة إلى العقلي بقول مطلق ، أمّا لو أريد بمعنى الأخصّ ـ وهو الفطري الخالي عن شوائب الأوهام ، الذي هو حجّة من حجج الملك العلاّم وإن شذّ وجوده بين الأنام (١) ـ ففي ترجيح النقلي عليه إشكال (٢). انتهى كلامه.
ومواضع النظر فيه وفي سابقه ما لا يحصى :
الأوّل : إن أرادوا من عدم اعتبار العلم فيما قالوا به من الموارد عدم حجّيته ـ مع كونه علما والمكلّف عالما بحسب معتقده وإن لم يكن كذلك في الواقع ـ فلا شكّ في كونه تكليفا بما لا يطاق ، وفساده ممّا نطق به الكتاب الكريم بل هو مذكور في عداد المسلّمات بين الشيعة والمعتزلة ، فلا مجال لإنكاره ؛ فإنّ التكليف بشيء فرع العلم بذلك الشيء ، ولا أقلّ من احتماله والمفروض عدمه أيضا.
وإن أرادوا أنّ بعد ملاحظة ما يعارضه من الدليل النقلي أو ملاحظة الاختلاف الواقع في العلوم العقلية ، فلا يبقى علما ، فبعد الغضّ عن الصغرى ووجود الاختلاف في النقلي أيضا ، فهو خلاف ما هو المفروض في المقام.
وإن أرادوا أنّ الدليل النقلي في محلّ تعارضه أيضا قطعي ، فهو يستلزم اجتماع المتناقضين.
وإن أرادوا عدم حجّيته من جهة الأخبار الواردة عنهم عليهمالسلام في النهي عن الخوض في العلوم العقلية ـ فإنّ بعد النهي لو لم يصادفوا الواقع ، فيجري عليهم حكم المقصّر ، ويعاقب نظرا إلى أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وإن كان ينافيه خطابا ـ فلا نسلّم ورود النهي عنهم عليهمالسلام في ذلك بل قضية العمومات الآمرة بطلب
__________________
(١) « ش » : الأوهام.
(٢) الحدائق ١ : ١٢٦ ـ ١٣٣ وما بين المعقوفين منه.