جميعا إلى برهان الانسداد من قاعدة دفع الضرر وغيرها كما حرّر مستوفى ، والانسداد غير جار فيما نحن بصدده ، لأنّ المناط فيه هو الانسداد الأغلبي ، وحيث إنّ الجزئيات الخارجة تختلف بحسب الموارد علما وجهلا ، وبالنسبة إلى الأشخاص المختلفة ، أو بالنسبة إلى شخص واحد في زمانين ، فلا ضابط في البين ، فلا يتوجّه القول بالانسداد فيها غالبا بل ونحن بعد ملاحظة حالات الأوائل نحكم بعدم الاختلاف بيننا وبينهم فيما نحن بصدده ، فإنّ القبلة كما قد تصير معلومة بواسطة وجود ما تقتضيه من الأمارات الدالّة عليها ، كذلك قد تصير مجهولة بواسطة فقدها ، ولا فرق في ذلك بين الأزمنة حتّى أنّ معاصري الأئمّة عليهمالسلام قد يعلمون بالموضوعات التي علّقت عليها الأحكام الشرعية ، وقد لا يعلمون ، فالانسداد غالبا فيها (١) غير مسلّم ، فكيف بالأغلب ، والانسداد في غيره غير مسوّغ للعمل بالظنّ إلاّ بعد القول بعدم حجّية الأصول فيما لم يفد الظنّ في الموضوعات ، ولم نقف على قائل بذلك.
فإن قلت : إنّ ترك العمل بالظنّ فيها قد يوجب المخالفة القطعية ، فلا يجوز الرجوع إلى الأصول.
قلنا : إنّه لا دليل على بطلان اللازم مطلقا ، نعم فيما لو كان من الشبهة المحصورة على حذو ما فصّلنا سابقا لا يجوز العمل بالأصل ، ويجب الرجوع إلى غيره ، ولا فرق في ذلك بين الظنّ والشكّ.
لا يقال : قد سبق كفاية الظنّ بتفريغ الذمّة بعد العلم باشتغالها ، فكما أنّ إعمال الظنّ في نفس الأحكام يوجب الظنّ بفراغ الذمّة ، فكذلك إعمال الظنّ في موضوعات تلك الأحكام يوجب الظنّ بالتفريغ مثلا كما أنّ الظنّ بوجوب السورة في الصلاة يوجب الظنّ بفراغ الذمّة عن التكليف واقعا بعد قراءتها ، فكذا الظنّ بأنّ السورة الواجبة هي السورة الفلانية يوجب الفراغ ولو ظنّا.
__________________
(١) « ل » : ـ فيها.