فيه وجودا وعدما كما هو ظاهر.
وأمّا الأوّل فتفصيل الكلام فيه أن يقال : إنّ العبادة ـ التي يراد الامتثال بها على وجه إجمالي ـ تقع على وجهين ، فتارة على وجه يتكرّر العمل كأن يصلّي إلى أربع جهات مع التمكّن به من استعلام حال القبلة الواقعية ، وأخرى على وجه لا يتكرّر بل العمل مع وحدته يشتمل على جميع ما يحتمل اعتباره فيه كالصوم فيما إذا أمسك المكلّف عن جميع ما يحتمل كونها مفطرا ، ضرورة عدم خروج العمل عن وحدته حينئذ ، فعلى الأوّل لا شكّ في بطلان العمل كما هو المأخوذ من طريقة الشرع وسيرة العلماء ، وقد نفى الخلاف عنه المحدّث البحراني ؛ فإنّه بعد ما حكى عن العلاّمة (١) عدم جواز الصلاة في الثياب المشتبه طاهرها بنجسها على وجه التكرار مع التمكّن من الصلاة في الثوب الطاهر يقينا قال : هذا وإن كان حسنا إلاّ أنّ وجهه لا يبلغ حدّ الوجوب (٢).
وعلى الثاني فالمشهور ـ على ما حكي أيضا ـ على عدم جوازه مع التمكّن من تحصيل العلم التفصيلي باستعمال ما يوجبه من غير لزوم عسر على تقديره إلاّ أنّ الدليل لا يساعد عليه بل قضية صدق الإطاعة في الصورة المفروضة عرفا من دون تزلزل في النيّة جواز الامتثال الإجمالي حينئذ.
لا يقال : نيّة الوجه وقصده ـ على ما ذهب إليه المعظم ـ واجب فلا يصدق الإطاعة بدونها.
لأنّا نقول : مع الغضّ عن وجوبه ، فلا ريب في كفايتهما ولو على وجه إجمالي ، فإنّ المفروض قطع العامل باشتمال عمله على جميع أجزائه وشرائطه ، فينوي على هذا
__________________
(١) منتهى المطلب ٣ : ٣٠١ ، وفي ط الحجري ١ : ١٨٢ ؛ نهاية الاحكام ١ : ٢٨٢.
(٢) الحدائق ٥ : ٤٠٧ قاله صاحب المدارك ٢ : ٣٥٨ واستجوده صاحب الحدائق كما سيأتي أيضا في بحث البراءة : ٥٧٩.