حاجة في إثبات الاشتغال أو البراءة إلى الاستصحاب بل لا يعقل الاستصحاب فيهما وفي نظائرهما.
وتوضيح ذلك وتحقيقه يتوقّف على تمهيد مقدّمة هي (١) أنّ المطلوب في الاستصحاب هو ترتيب أحكام مترتّبة على بقاء المستصحب عليه حال الشكّ في بقائه وارتفاعه ، وأمّا لو كان الأحكام ممّا يترتّب على حدوث شيء ، فعند الشكّ في بقائه لا وجه للاستصحاب ؛ لعدم ارتباط الشكّ في البقاء بترتّب أحكام الحدوث عليه ، فالحدوث حال الشكّ في البقاء قطعي ، ولا حاجة إلى استصحاب الحادث ليترتّب عليه أحكام الحدوث بل ولا يعقل ؛ لاختصاص مورد الاستصحاب بالشكّ اللاحق والمفروض هو العلم في اللاحق أيضا ، ولا يجدي في جريانه تقدير عدمه وفرض انتفائه ؛ إذ المقدّر أنّ الأحكام ممّا يترتّب على الحدوث ، والاستصحاب يحكم ببقائه ، ولا ملازمة بين الحدوث والبقاء في ترتيب أحكام أحدهما على الآخر ، مثلا لو فرضنا أنّ (٢) جواز الدخول في الصلاة إنّما هو ممّا يترتّب على نفس الوضوء في السابق ولو لم يكن باقيا في اللاحق ، فعند الشكّ في البقاء لا وجه لاستصحاب الطهارة ليترتّب عليه جواز الدخول في الصلاة ، فإنّ جواز الدخول على الفرض قطعي في اللاحق ، فلا يجري الاستصحاب.
وإذ قد تمهّد هذه ، فنقول : إنّ العقل إنّما يستقلّ بإتيان الصلاة في أربع جهات عند اشتباه القبلة على القول بثبوت التكليف حال الجهل أيضا ، وأمّا على القول بعدم تعلّق التكليف حال الجهل باعتبار إجمال الدليل كما يراه بعضهم ، فالكلام المذكور ساقط عن أصله ، وحكمه هذا إنّما يستند إلى الشكّ في الفراغ ، والعقل (٣) الحاكم بالصلاة في أربع جهات إنّما هو موجود قبل الفعل وبعده وفي أثنائه ، والعلّة التي استند إليها العقل في
__________________
(١) « ج » : وهي.
(٢) « م » : ـ أنّ.
(٣) « م » : فالعقل.