عنه » (١) فلا يصحّ الاستناد إليها في أمثال المقام للفرق الظاهر بين ما إذا كان الأسباب المفيدة للعلم (٢) فيه موجودا (٣) وبين ما إذا كان مفقودا (٤) ، فالوضع ـ كما هو المستفاد من الرواية ـ إنّما في المقام الثاني ، والمطلوب إنّما يتمّ فيما إذا كان من الأوّل كما لا يخفى.
قلت : إسناد الحجب إليه تعالى لا يخلو من وجوه ثلاثة :
أحدها : أن يكون هو العلّة للحجب من غير مدخلية للعبد فيه تسبيبا وغيره كما في الأسرار المخزونة في علمه والمكنونة عند أهلها ، فيكون المراد من الرواية على هذا ما حجب الله علمه عن العباد لعدم جعله طريقا يوصلهم إليه ، فهو موضوع عنهم.
وثانيها : أن يكون هو الحاجب تسبيبا منّا كأن يكون على وجه المباشرة منه تعالى ، ولكنّ السبب في الحجب منّا كما هو مفاد قوله : ( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ )(٥) وذلك أيضا ظاهر كما في غيبة الإمام عليهالسلام فإنّ الفاعل غيرنا ونحن السبب فيها.
وثالثها : أن يكون الحاجب غيره إلاّ أنّه أسند (٦) إليه من جهة عدم رفعه للموانع بعد وضعه أسباب العلم كإرسال الرسل وإنزال الكتب والأمر بالبيان والتبليغ ونحوه على وجه لا يستند (٧) الحجب إليه إلاّ مجازا بعيدا لا يصار إليه إلاّ لقرينة مقتضية له ؛ لا شكّ في بطلان دعوى الانصراف إلى الأوّل فقط كما يظهر بالتأمّل في ذيل الحديث من قوله : « فهو موضوع عنهم » إذ لا امتنان فيه بعد ظهوره فيه كما لا يخفى فساد توهّم (٨) التعميم بالنسبة إلى الثالث أيضا لما عرفت من بعده (٩) من إسناد الحجب إليه تعالى ، فالأوسط أوسط الوجوه ، وبه يتمّ المطلوب فإنّه يصير حينئذ مثل قوله : « كلّ ما غلب
__________________
(١) عوالى اللآلى ٣ : ١٦٦ ، باب الحج ، ح ٦١.
(٢) « ج » : للعلّة!
(٣) كذا.
(٤) كذا.
(٥) الرعد : ١١.
(٦) « ج » : مسند.
(٧) « س » : يسند.
(٨) « ج » : توهمهم.
(٩) « ج » : العلّة!