أمّا فيما لو دار الأمر بين الامتثال الإجمالي والتفصيلي المظنون بالظنون المطلقة ، فلا ريب في تقدّم الامتثال الإجمالي ؛ لأنّ القول باعتبار الامتثال الظنّي موقوف على بطلان الامتثال الإجمالي والاحتياط على ما سيجيء إن شاء الله ، وذلك بخلاف الظنون الخاصّة ؛ فإنّها بمنزلة العلم.
وأمّا الظنون المطلقة ، فبعد لم يثبت حجّيتها في قبال الامتثال الإجمالي والمفروض عدم التمكّن من الامتثال العلمي التفصيلي ؛ لانسداد باب العلم ، فلا مناص من الامتثال الإجمالي كما تقدّم عدم الخلاف فيه إلاّ المنقول عن ابن إدريس (١).
وتوضيحه : أنّ كفاية الظنّ في الامتثال ـ على ما هو مفاد دليل الانسداد ـ موقوفة (٢) على بطلان الاحتياط ، أو كونه مستلزما للحرج الشديد ، فما لم يثبت بطلان الاحتياط والامتثال الإجمالي لا يثبت كفاية الامتثال الظنّي ؛ فإنّ العقل رجّحه على العمل بالظنّ ما لم يستلزم محذورا ؛ لأنّ المدار عند العقل على حصول الواقع والوصول إليه ، ولا شكّ أنّ الاحتياط هو الأقرب من غيره.
ثمّ إنّه لو دار الأمر بين الامتثال الإجمالي ومثله لكن كان أحد الإجمالين أقلّ إجمالا وأقرب إلى التفصيل من الآخر ، يقدّم ما هو الأقرب إلى التفصيل وجوبا أو احتياطا على حسب اختلاف المذاهب كما عرفت من صاحب المدارك والعلاّمة.
ومن فروعه ما (٣) لو دار الأمر بين الصلاة في أوّل الفجر في أربع جهات وبين تأخير الصلاة إلى انتشار ضوء النهار ليعلم أنّ القبلة ليست إلاّ في جهات ثلاثة مثلا فيقلّ تكرار الصلاة ، ونظائره كثيرة.
__________________
(١) تقدّم في ص ٣٢.
(٢) في النسختين : موقوف.
(٣) « ل » : ـ ما.