النجاة وتحصيل العلم التفصيلي كما رآه المشهور فيما يمكن تحصيله.
فإن قلت : لا معنى للاحتياط في المقام ؛ فإنّه يصحّ فيما لم يكن الشكّ في وجوده كافيا في الحكم بعدم وجوده كأن (١) يكون هنا إطلاق يرجع إليه ومثل ذلك ، وأمّا في المقام ، فلا يصحّ ؛ لأنّ الإطاعة والامتثال من المفاهيم المنتزعة من وقوع فعل المأمور به على وجهه ، فمع انتزاع العقل لها لا معنى للحكم بالاحتياط فيها ، ومع عدم الانتزاع لا شكّ في عدم وقوع الفعل على وجهه ، ولا مناص عن العمل به ، فلا احتياط ، وكذا ما يتعلّق بكيفية الإطاعة والامتثال من كونها تفصيليا أو إجماليا وذلك ظاهر لا سترة عليه.
قلت : نعم ، ولكنّ الشارع في أوامره قد يعتبر حصول الإطاعة والامتثال على وجه خاصّ ، فيشكّ في حصوله مع حصول الامتثال على وجه يعمّه ، فالاحتياط يقضي بتحصيل الإطاعة على ذلك الوجه ؛ لاحتمال أن يكون الداعي في الأمر حصولها على وجه خاصّ.
وتوضيحه : أنّ الشارع تارة يأمر أمرا توصّليا غير مقيّد بحصول الإطاعة والامتثال ، وأخرى يأمر أمرا تعبّديا مقيّدا بحصول الإطاعة ، فلا بدّ من تحصيلها ، فمرّة على وجه خاصّ كأن يعتبر الامتثال التفصيلي مثلا ، وأخرى على وجه يعمّ الإجمالي أيضا ، فيمكن حصول الإطاعة العامّة بانتزاعها العقل مع الشكّ في وجود الإطاعة الخاصّة مع احتمال مطلوبيّتها على هذا الوجه ، فيحسن في العقل الاحتياط وتحصيل العلم بالمأمور به الواقعي بتحصيل الامتثال التفصيلي ، فلا إشكال ، هذا كلّه فيما إذا دار الأمر بين الامتثال الاجمالي والتفصيلي العلمي.
وأمّا فيما لو دار الأمر بين الامتثال الإجمالي والتفصيلي الظنّي بالظنّ الخاصّ كالتقليد ـ على ما رآه الجماعة من كونه من الظنون الخاصّة ـ فالكلام بعينه هو الكلام تقسيما وحكما على إشكال.
__________________
(١) في هامش « ش » : مثال للنفي لا المنفي.