ظاهر البطلان حيث قلنا : إنّ المحقّقين على عدم الفرق بين دعوى وجود شيء (١) وبين عدمه ، فكما أنّ القضية الموجبة لا بدّ في إثباتها إلى الدليل ، فكذلك القضية السالبة ضرورة عدم تعقّل الفرق بينهما ولو كان بواسطة أنّ مرجع الاستدلال إلى الحكم بوجود المعلول أو العلّة بعد العلم بوجود الآخر ، فلو لم يكن الشيء له آثار لازمة (٢) لذاته أو علّة هو (٣) من لوازمها ، فلا وجود لذلك الشيء لأنّ الموجود الخارجي لا ينفكّ عن الآثار المترتّبة عليه في الواقع وعن وجود العلّة كما لا يخفى ، فهذا حقّ لا محيص عنه إلاّ أنّ القضية المذكورة كما يظهر في موارد إطلاقاتهم لا دخل لها في ذلك فإنّ ملخّص ذلك أنّ عدم الدليل على وجود شيء واقعا دليل على عدمه في الواقع ، والمقصود من القضية هذه (٤) هو القول بالعدم عند عدم وجدان الدليل لا عند عدم الدليل واقعا ، وعلى هذا فلو كان بين وجود الشيء والعلم به ملازمة عقلية أو شرعية أو عادية ، يصحّ الاستناد إليها ولو لم يكن بين وجود الشيء والعلم به ملازمة لا وجه للاستناد إليها مثلا التكليف الفعلي المنجّز وجوده يلازم وجوده وجود الدليل عليه لئلاّ يلزم التكليف بما لا يطاق ، فعدم الدليل على التكليف الفعلي دليل على عدم التكليف للملازمة الواقعية بينهما ، وعدم الدليل على نبوّة مدّعي النبوّة ربّما يعدّ دليلا على عدم نبوّته عادة للملازمة (٥) العادية وعدم الدليل على وجوب الصلاة وجوبا واقعيا مع عموم البلوى مثلا بها دليل على عدم وجوبها في الواقع ، غاية الأمر أنّ الحكم بالعدم الواقعي مظنون.
وبالجملة ، فكلّما كان وجود شيء ملازما للعلم بوجوده لزوما عقليا كتنجّز التكليف أو عاديا قطعيا كالنبوّة أو ظنّيا فعدم ما يفيد العلم دليل على عدم ذلك
__________________
(١) « س » : + هو.
(٢) « س » : + له.
(٣) « ج » : هي.
(٤) « ج » : هذا.
(٥) « س » : ملازمة. « ج » : فالملازمة!