فيه لا أنّ الميتة مانعة (١) عنه.
فإن قلت : إنّ أصالة عدم التذكية لا تثبت (٢) كون اللحم ميتة ومع ذلك لا يفيد وعلى تقديره لا تعويل عليه لأنّه من الأصول المثبتة.
قلت : قد قلنا إنّ الحلّ والحرمة على ما هو المستفاد من عنوان الأدلّة ممّا يترتّبان على التذكية وعدمها ، فلا يكون الأصل مثبتا ، ولو سلّم فالمذكّى والميتة ليسا من الأمور الوجودية التي بينها تضادّ كالفسق والعدالة بل أحدهما الملكة ، وثانيهما العدم ، فأصالة عدم الملكة عين إحراز العدم ، فمجرى الأصل وما أضيف إليه في المقام هو العدم فلا يكون من الأصول المثبتة وذلك مثل ما ورد في قوله تعالى : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ )(٣) بعد تحريم النكاح في عناوين خاصّة كالأمّ ونحوها فإنّ أصالة عدم تلك العناوين عين ما وراء تلك العناوين فالأجنبية وما يضادّها ليسا من المتضادّين (٤) كما لا يخفى.
ثمّ إنّ مبنى القول هذا على أن لا يكون هناك إطلاق وارد ورود الاجتهادي على الأصل هذا كما في قوله : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(٥) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٦) فإنّ النقل أمر توقيفي مبنيّ على ترخيص الشارع ولكن لمّا كان ما دلّ على سببية البيع للنقل مطلقا ، جاز التمسّك بإطلاقه في كلّ مورد يشكّ في سببيته وإن كان المسبّب توقيفيا.
فإن قلت : التذكية أمر عرفي ولا يدّعي أحد ثبوت الحقيقة الشرعية فيها فكلّ ما صدق التذكية فيه لا بدّ من الأخذ بالإطلاق والحكم بالحلّية.
قلت : لا منافاة بين كون التذكية أمرا عرفيا وبين أن يكون السبب في تحقّقها توقيفيا كما في النقل والانتقال فإنّه أمر عرفي إلاّ أنّ الشارع لم يعتبره إلاّ في ضمن البيع ونحوه وإن كان البيع مطلقا ، وليس في الأدلّة ما يدلّ بإطلاقه على سببية التذكية على
__________________
(١) « ج ، س » : مانع.
(٢) « ج ، س » : لا يثبت.
(٣) النساء : ٢٤.
(٤) « س » : العناوين.
(٥) البقرة : ٢٧٥.
(٦) المائدة : ١.