فإن قلت : في كلّ من الأمر والنهي كلّ من الأمرين متحقّق وجودا وعدما.
قلنا : نعم ، ولكن مبنى الأمر على ما قلنا عند العقلاء على إحراز المصلحة والنهي بخلافه ، فلا يضرّ في ذلك وجود الوجوب التبعي في النهي ، والحرمة التبعية في الأمر إذ الحكم التبعي فيهما مبنيّ على عدم المصلحة والمفسدة كما لا يخفى.
ورابعها : قوله : « كلّما اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام الحلال » (١).
ولكن في الكلّ نظر :
أمّا في (٢) الأوّل ، فبمنع الاستقراء ، كيف ونحن لم نجد مثالا لما نحن بصدده ولو واحدا ، والعجب أنّه لم يكتف بدعوى الاستقراء عن الغلبة مع (٣) أنّ الأمر في الاستقراء على ما نبّهنا عليه أصعب كما لا يخفى.
وأمّا الأمثلة المذكورة فممّا لا مساس لها بالمقام أصلا.
أمّا الأوّل منها ، فلأنّ الحكم فيها في أيّام الاستظهار إنّما هو بواسطة أمر اجتهادي وهو حكم المعصوم بحرمة الصلاة مثلا ، ويكفي في المقام عدم العلم بالوجه في حكم المعصوم ، فلعلّه لم يكن من حيث إنّه مجهول الحكم ، ومنه يعلم الحال في الثاني أيضا لأنّ الحكم بالحرمة من جهة القاعدة المقرّرة عندهم من أنّه « كلّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض » وهذا في الحقيقة راجع إلى بيان الموضوع ، وإلاّ فكيف يعقل طرح الاستصحابات الكثيرة فيه من استصحاب وجوب الصلاة وجواز قراءة العزائم ونحوها كما لا يخفى.
والثالث أيضا فإنّ الحكم بإهراق الإناءين من جهة النصّ فلعلّه لا يناط بالجهل.
وأمّا في (٤) الثاني ، فلأنّ قاعدة الاشتغال لا تجري (٥) في المسائل العقلية إذ الحاكم
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢ ، باب ٣٣ ، ح ٦ ؛ مستدرك الوسائل ١٣ : ٦٨ ، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٥. وسيأتي قريبه في ص ٤٦٣ وقد بسطنا الكلام في مصادره.
(٢) « ج ، س » : ـ في.
(٣) « س » : « من » بدل : « مع ».
(٤) « س » : ـ في.
(٥) « ج ، س » : لا يجري.