إحراز موضوعه علما وهو في المقام غير محرز ؛ لاحتمال أن يكون لوصف التخيير مدخلية فيه ، وبعد الأخذ يرتفع الوصف فيرتفع الموضوع ، فعلى ما ذكرنا قاعدة الاشتغال محكّمة لجريانها في الأحكام الشرعية وعدم ما يعارضها من الاستصحاب ، فلا بدّ من الحكم بالتخيير البدوي كما بيّنّا على مثل ذلك في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد ولو كان الدليل عقليا.
فإن قلنا بأنّ الفرار من المخالفة القطعية هو المنشأ في الحكم بالتخيير ، فالتخيير بدوي لحصولها ولو تدريجا في التخيير الاستمراري ، ولو (١) قلنا بأنّ الوجه في الالتزام بالتخيير هو لزوم الالتزام بالأحكام الشرعية وتقييده بها ، فهذا لا ينافي التخيير الاستمراري إذ في كلّ من الحالتين يلتزم المكلّف بالأحكام الشرعية ولا منافاة واللطف حاصل.
وإن قلنا بأنّ الوجه هو عدم المبالاة بالشرع ولزوم المخالفة القطعية أيضا على وجه يعدّ في العادة مخالفة ، فمقتضاه التفصيل بين ما إذا حصل المخالفة عن علم كما إذا كان بانيا على الاستمرار في التخيير في أوّل الأمر فإنّه يعلم بترتّب (٢) المخالفة على العمل ابتداء فإنّه يعدّ من المخالفة فيحكم بعدم الاستمرار وبين غيره كما إذا كان في أوّل الأمر بانيا على الأخذ به دائما ، ثمّ بدا له اختيار الآخر لغرض آخر فإنّه يمكن القول بأنّه لا يعدّ في العادة من المخالفة كالمقيم في بلد الإقامة بعد ما سنحت له سانحة تقضي بمسافرته بعد الإقامة.
__________________
(١) « م » : وإن.
(٢) « م » : ترتّب.