المشكوكات كما في الشبهة المحصورة ، فإنّ للكلام فيها مقاما آخر ستعرفه (١) فيما سيجيء.
وبالجملة ، فالمكلّف تارة يعلم تفصيلا بالموضوع والحكم ، وظاهر لزوم الامتثال حينئذ (٢) ، وتارة يعلم بوجود الموضوع في جملة مشتبهة فله حكمه على ما سيجيء ، وأخرى يشكّ في الموضوع فيشكّ في نفس التكليف بالنسبة إليه بالخصوص ، ولا فرق بين الشكّ في التكليف الكلّي والجزئي بعد اتّحاد (٣) المناط ولا سيّما بعد ما عرفت من أنّ المقصود حقيقة منه إتيان (٤) الجزئيات كما لا يخفى ، وانضمام الأفراد المعلومة بالتفصيل إلى الأفراد (٥) المشكوكة لا يؤثّر في جريان البراءة فيها ؛ للعلم بعدم مدخلية المعلوم في المجهول ، فالإتيان بالمشكوكات لو كان من جهة كونها مقدّمة للأفراد المعلومة بالتفصيل ، فلا يعقل له معنى ولو كان بواسطة الأفراد المعلومة بالإجمال ، فالمفروض خلاف ذلك ، ولو كان بواسطة تحصيل العلم بالأفراد الواقعية ، فالشكّ إنّما هو في كونها فردا واقعيا ولا بدّ في تعلّق التكليف بشيء من العلم به وبمتعلّقه (٦) وبجميع ما له دخل فيه ، وإلاّ فالشكّ يرجع إلى نفس التكليف والبراءة محكّمة فيه.
نعم ، في المقام شيء آخر وهو القول بلزوم الاحتياط والإتيان بالمشكوكات نظرا إلى لزوم دفع الضرر المحتمل وليس المراد به الضرر الأخروي من العقاب المترتّب على ترك المأمور به وفعل المنهيّ عنه (٧) كي يقال بأنّ قبح التكليف بلا بيان يؤمننا الضرر ، ولا ما يترتّب على ترك الاحتياط حتّى يقال بعدم وجوبه بعد عدم جواز العقاب على نفس التكاليف الواقعية كما مرّ تحقيقه في الشبهة الوجوبية ، بل المراد به الضرر الدنيوي من الآلام المحتملة عند ترك ما يحتمل الوجوب كاحتمال الرمد عند
__________________
(١) « ج ، م » : ستعرف.
(٢) « س » : ـ حينئذ.
(٣) « س » : إيجاد.
(٤) « س » : حقيقة من إثبات!
(٥) « م » : أفراد.
(٦) « س » : بمتعلّقة؟
(٧) « س » : « النهي » بدل : « المنهي عنه » ، « م » : « الفعل المنهي » بدل : « المنهي ».