بالشكّ عندهم.
والحاصل ، فلا مانع في العقل أن يحكم الشارع الحكيم بعدم (١) لزوم الاجتناب عن الضرر الدنيوي ترخيصا لنا في أفعال تحتمله (٢) نظرا إلى عموم ترياق رحمته تعالى المصلح لسموم (٣) الأفعال ، وبعد ما عرفت (٤) من قيام الإجماع على عدم لزوم الاجتناب عن الضرر المحتمل وورود الأخبار والآيات على جوازه لا مناص من الحكم بالبراءة فيه ، غاية الأمر عدم تمامية دليل العقل في الشبهة الموضوعية ولا ضير فيه بعد كفاية غيره عن المطلوب ، ولا يلزم الانفكاك بين حكمي العقل والشرع نظرا إلى اختلاف العنوانين في الحكمين ، ولا يلزم من جواز تبدّل العنوانين عدم استقلال العقل في حكمه قبل العلم بلحوق العنوان الآخر كما في الأصول الدينية ولا يكون الحكم بوجوب (٥) الدفع قبل الشرع حكما ظاهريا من العقل لما عرفت من أنّ الاحتمال دليل على عدم تحقّقه ولا يعقل في الأحكام العقلية كونها ظاهرية وهذا كلّه ظاهر لا سترة عليه.
فإن قلت : قد تقدّم في مباحث الظنّ حجّيته في الضرر وإن كان من الموضوعات ، وغاية ما يثبت (٦) في المقام هو إلغاء الضرر المشكوك نظرا إلى قيام الإجماع عليه ، ولا خفاء في أنّ الظنّ بالواجب يلازم الظنّ بالضرر الغير الأخروي ممّا يرجع إلى العقاب ، فاللازم من جميع ذلك حجّية مطلق الظنّ ، وهذا هدم لما تقرّر في محلّه من عدم حجّيته سيّما بواسطة الضرر المحتمل مع قطع النظر عن مقدّمات الانسداد.
قلت : لا نسلّم حجّية الظنّ في الموضوعات التي لا يرجع إلى أمر عرفي لا يجري فيها دليل الانسداد فإنّ المناط في الحجّية على ما قرّرنا في محلّه هو جريان الانسداد في نفس الموضوع وقاعدة الاستلزام ، وإن شئت زيادة توضيح لذلك ، فراجع مظانّه من مباحث الظنّ ، فتدبّر.
__________________
(١) « م » : لعدم.
(٢) في النسخ : « يحتمله ».
(٣) « ج » : لشمول.
(٤) « ج ، م » : علمت.
(٥) « ج » : لوجوب!
(٦) « م » : ثبت.