والمعارف الإلهية كما لا يخفى ، فالأولى الالتزام به ومع ذلك فالمطلوب ثابت لما عرفت أنّ الأحكام العقلية على قسمين بل على أقسام :
فتارة يمنع تصريح الشارع بخلافها كما فيما لو كان الحسن والقبح من مقتضيات ذات الشيء كحسن المعرفة وقبح الكذب بالنسبة إليه.
وأخرى لا يمنع (١) التصريح بخلافها لكن لا من حيث عنوان الحسن والقبح بل بواسطة عنوان آخر طار على الأوّل ، وقد مرّ أيضا أنّ عدم العلم بطريان العنوان الطارئ لا يجدي في ظاهرية حكم العقل وإن كان في موضوع الجهل كما أنّ عدم العلم بلحوق عنوان الطارئ لا يوجب عدم استقلال العقل بالحكم عند احتماله إذ مع عدم العلم بالعنوان اللاحق لا حكم له قطعا لعدمه حقيقة لاشتراط وجوده بالعلم ، فعند عدمه يستقلّ العقل بالحكم ، فلو استقلّ العقل بوجوب دفع الضرر الدنيوي ، فللشارع أن يحكم بخلافه لكن لا على وجه التخصيص بل حكم (٢) الشارع يكشف عن وجود مصلحة فائقة على المفسدة التي أحرزها العقل ، فالفعل حينئذ يعنون بغير العنوان الحسن أو القبح (٣) ، فهو تخصيص موضوعي كقتل الكفّار وقطع يد السارقين ونحو ذلك.
وإذ قد تمهّدت ما ذكرنا ، فاعلم أنّ الشارع قد جوّز ارتكاب الضرر الدنيوي في صورة العلم في موارد عديدة كالجهاد والتمكين من القتل عند إظهار كلمة الكفر لمن يعتدّ بشأنه في الدين وأمثال ذلك ، فكيف بالضرر المظنون والمشكوك ، فلا ضير في حكم العقل بوجوب دفع الضرر من حيث هو هو حكم الشرع في موارد خاصّة لعدم وجوبه للمصالح الكامنة في ارتكاب الضرر ، ولهذا تراهم عند الشكّ في الضرر لا يحكمون بسقوط التكليف إلاّ عن جماعة قليلة لشبهة اختلجت في أذهانهم نظرا إلى عنوان الخوف في بعض الأدلّة ، ولا دخل له بما نحن بصدده إذ على تقدير كون الخوف عنوانا على حدة في الأدلّة الشرعية ، فعند الشكّ وجوده قطعي والحكم لا يناط أبدا
__________________
(١) في النسخ : « لا يمتنع ».
(٢) في النسخ : « الحكم ».
(٣) « س » : القبيح.