ممتثلا.
والسرّ في ذلك ما تقرّر فيما تقدّم من مباحث المقدّمة من أنّ وجوبها إنّما هو بواسطة عنوان المقدّمية ، ولا يحصل (١) عنوانها إلاّ بعد إرادة التوصّل بها إلى ذيها وإن لم تكن (٢) موصلة كما زعمه بعض الأجلّة (٣) ، فلو توضّأ أحد من غير قصد إلى غاية معيّنة عنده لم يكن متطهّرا ، وذلك كما إذا أمر المولى بإكرام زيد تعبّدا فإنّ من الظاهر عدم سقوط الأمر فيما لو قصد الإهانة إليه ، أو غيرها من الأفعال ولكن صادف إكرامه ، فلا بدّ في حصول فعل من قصد عنوانه وإرادة نفسه وذلك ظاهر ، فعلى هذا لو لم يكن المكلّف حال إتيانه بأحد المحتملات قاصدا لإتيان غيره منها ، لم يكن قاصدا لعنوان (٤) المقدّمية ، ولا يصدق على فعله الامتثال كما لا يخفى ، فيبقى الاشتغال بحاله.
وبعبارة أخرى العلّة الغائية في الفعل والعمل لا بدّ وأن يكون مجزوما بها ، وحيث إنّ المفروض أنّ الداعي في التعبّديات هو موافقة الأمر وتحصيل الامتثال ، فلا بدّ أن يكون كلّ من الاحتمالات مقرونا بالنيّة والقصد على وجه لو كان هو الواقع ، لكان مقرونا بالنيّة وقصد الامتثال فيؤثّر أثره ويحصل الموافقة والإطاعة على ما هو المعتبر فيه ، والقصد على هذا الوجه لا يحصل إلاّ بعد إتيان كلّ من المحتملات لاحتمال أنّه الواقع مع القصد بإتيان الباقي من المحتملات (٥).
لا يقال : فعلى ما ذكرت يلزم انسداد باب الاحتياط في الشكوك البدوية من غير سبق العلم الإجمالي لعدم الجزم بالأمر الداعي للفعل مع أنّه خلاف ما استقرّ عليه طريقتهم مضافا إلى الوجدان الحاكم بخلافه.
لأنّا نقول : الامتثال له مراتب (٦) فتارة يعلم بوجود الأمر تفصيلا في موضوع (٧) معيّن
__________________
(١) « س » : لا تحصل.
(٢) في النسخ : لم يكن.
(٣) الفصول : ٨٦.
(٤) « ج » : العنوان!
(٥) « س » : ـ لاحتمال أنّه الواقع ... من المحتملات.
(٦) « س » : مراتبا!
(٧) « ج » : موضع.