وقوله : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(١) إنّما (٢) فسّر المطلوب بقوله : « صلّ » بأنّ المراد والمطلوب هو ما إذا (٣) لم يستلزم الصلاة العسر ولا ضير في ذلك فإنّه باب واسع في الأدلّة الشرعية لا مجال لإنكاره.
قلت : إن أريد أنّ قوله : « كلّ شيء » حاكم على الأدلّة الواقعية على وجه يكون مقيّدا للواقع كما في أدلّة العسر والحرج بالنسبة إلى سائر الشرعيات ، فواضح سقوطه ؛ لأنّ المنساق منه ومن أشباهه ـ كما هو المستفاد من تقييد الحكم بحصول المعرفة بالحرام ـ بيان الحلّية الظاهرية عند عدم العلم بالحرام الواقعي ، ولا يعقل تقييد الحلال الواقعي بالعلم بحرمته إذ لو كان هو الحلال في الواقع ، فلا حرمة فيه حتّى تكون (٤) الحلّية مقيّدة بالعلم بحرمته.
اللهمّ إلاّ أن يراد من الخبر أنّ الإناءين المشتبهين شيء فيه حلال هو الخلّ وفيه حرام هو (٥) الخمر ، وذلك الشيء حلال لك في الواقع حتّى تعرف الخمر منه بعينه ، فاستعمل الحرام وأريد منه ما يصير حراما في بعض الأوقات كما إذا علم أنّه خمر إلاّ أنّه مجاز لا يصار إليه إلاّ بدليل معدوم.
على أنّه لا يكون حينئذ حكما واقعيا لعدم اختلاف الموضوعات بالعلم والجهل.
نعم ، لبعض المتأخّرين في بعض المقامات كالنجاسة ونحوها كلام يشعر بالتصويب فيها ، مع أنّ ذلك لو تمّ لما صحّ القول بإبقاء القدر المحرّم ، وقد عرفت فيما سبق دعوى الإجماع على حرمة المخالفة القطعية.
وإن أريد أنّ قوله : « كلّ شيء فيه حلال وحرام » إنّما يكون حاكما على الأدلّة الواقعية لكن لا على وجه التقييد بل المستفاد منه عدم العقاب على تقدير تناول الخمر صورة الاشتباه ، فكما أنّ الأدلّة الواقعية شاملة للمكلّف حال الجهل في الشبهة البدوية
__________________
(١) الحج : ٧٨.
(٢) « م » : وإنّما.
(٣) « س » : ـ إذا.
(٤) « ج ، س » : يكون.
(٥) « ج » : وهو.