أنّ عدم لزوم الاجتناب عن الملاقي إنّما هو فيما (١) إذا كان الملاقي لواحد من الأطراف ، وأمّا لو لاقى بشيء واحد كلّ واحد منها (٢) ، فلا شكّ في نجاسته تفصيلا لكن فيما لم يحصل التطهير بالآخر ، فتدبّر.
وأمّا لو تعدّد الملاقي بحسب تعدّد الأطراف ، فالحكم في الملاقيات كالحكم في نفس الأطراف لحصول العلم الإجمالي بنجاسة أحدها ، غاية الأمر أنّها تابعة لنجاسة الأطراف ، ويلحق كلّ منهما حكمهما من لزوم الاجتناب ، ولو نقص أحد الأطراف مع بقاء ملاقيه ، فهل يحكم بطهارة الملاقي والطرف الآخر ، أو لا؟ فيه تفصيل بين حصول العلم الإجمالي قبل النقصان والتعذّر ، وبين حصوله بعد التعذّر.
فعلى الأوّل يحكم بالطهارة في الملاقي ولزوم الاجتناب عن الطرف الآخر إذ المفروض أنّ الاستصحاب قضى بطهارة الملاقي قبل التعذّر والعلم (٣) الإجمالي الدائر بين الطرفين بنجاسة الطرف الآخر ، وتعذّر الملاقي بعد الحكم بالطهارة الشرعية لا يجدي في الحكم بنجاسة الملاقي وطهارة الطرف الآخر لقيام دليل شرعي على الطهارة في الملاقي والنجاسة في الطرف الآخر.
وعلى الثاني يحكم بنجاسة الملاقي ونجاسة الطرف الآخر لحصول العلم الإجمالي بين هذا الملاقي ونفس الطرف الآخر بأنّ أحدهما نجس في الواقع ، ولا بدّ من الاجتناب والمفروض عدم قيام دليل شرعي على طهارة الملاقي لتعارض أصالة الطهارة في الطرف الآخر بأصالة الطهارة في الملاقى حيث إنّ الملاقي بعد لا محلّ له يجري فيه أصالة الطهارة حتّى يكون معارضا بالأصل في الطرف الآخر ، وحيث قد علمت أنّ المعيار في الحكم بالطهارة هو عدم معارضة أصل آخر لأصالة الطهارة يظهر الوجه في الحكم بنجاسة الملاقي فيما لو حصل العلم بعد التعذّر ، فتدبّر.
__________________
(١) « س » : ـ فيما.
(٢) « س » : منهما.
(٣) « ج » : التعذّر لعلم؟