الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(١) فإنّ الظاهر المتبادر منه عدم جعل حكم يشتمل (٢) على عسر على كلّ أحد في الدين ، وهذا هو المتيقّن من رفعه كما هو المعمول عند الفقهاء كما لا يخفى.
وثانيها : ما يدلّ على عدم جعل الحكم المشتمل على العسر في الأغلب على الكلّ كما هو المستفاد عن بعض أخبار الباب ، فإنّ جملة منها ظاهرة في أنّ الحكمة في جعل الحكم الفلاني على الكلّ اشتماله على العسر في الأغلب على الأغلب.
وهذا بعيد عن مظانّ كلماتهم ومطاوي استدلالاتهم ؛ فإنّ عملهم ليس على الحكم في الأحكام كما لا يخفى.
وثالثها : ما يدلّ على اشتمال الدين على الأحكام العسرة بمعنى أنّ مبنى الأمر في الدين على اليسر دون العسر كما يقال في العرف : إنّ رأي المجتهد الفلاني عسر ، ورأي الآخر فيه يسر ، ولا يراد به أنّ تمام أحكامه مشتمل على العسر ، ورأي غيره على اليسر ، بل المقصود أنّ مبنى أمر فتوى الأوّل على العسر ، والآخر على اليسر ، ولا ينافي أن يكون بعض أحكام الأوّل غير عسر ، وبعض الأحكام للثاني عسرا ، ولا ينافي ذلك يسره على البعض في الأوّل ، وعسره على البعض في الآخر كما هو مستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : « بعثت على الملّة السمحة السهلة » (٣) فإنّ الظاهر منه هو ما ذكرنا.
وهذا وإن كان بعيدا عن مساق كلامهم إلاّ أنّه قريب عن مساق تلك الأدلّة في حدود ذواتها فإنّها لكونها واردة في مقام الامتنان تنافي التخصيص لكونه أضحوكة عندهم في مقام الامتنان ، ولا سيّما فيما إذا تكثّر كما في المقام.
وبالجملة ، فالقدر المتيقّن من ارتفاع العسر والحرج إنّما هو على الوجه الأوّل على ما يساعد عليه كلمات الفقهاء أيضا ، واعتبار العسر النوعي إنّما يتوقّف على دليل
__________________
(١) الحجّ : ٧٨.
(٢) « ج » : يشمل.
(٣) الوسائل ١ : ٢١٠ ، باب ٨ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ح ٣ ، وفيه : « فإن أحبّ دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة » وورد في النهاية لابن الأثير ١ : ٤٣٤ : بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ».