كذا أفاد سلّمه الله إلاّ أنّ قضية تنجّز التكليف بالواقع عدم جواز المخالفة مطلقا كما في الشبهة المحصورة ، والتفصيل المذكور لو تمّ ، فهو جار فيها أيضا إلاّ أن يقال بالفرق بينهما كما عرفت في بيان دلالة العقل على عدم وجوب الموافقة القطعية. هذا تمام الكلام في الشبهة الغير المحصورة التحريمية.
وأمّا الشبهة الغير المحصورة الوجوبية ، فيحتمل أن يقال بلزوم الإتيان بقدر المشتبهات من الأطراف الغير المحصورة على وجه لا يحصل له العلم بالمخالفة على حسب اختلاف كثرة المشتبهات وقلّتها ، فلو كانت خمسة مثلا ، يجب الإتيان بها ، أو العشرة يجب الإتيان بها ، ويحتمل أن يقال بلزوم الإتيان على قدر وسعه وطاقته بحيث لا ينجرّ إلى العسر والحرج بدعوى استقرار بناء العقلاء على ذلك ، فنهض (١) فارقا بين المقام وبين الشبهة التحريمية في الغير المحصورة حيث قد عرفت بعدم لزوم الاجتناب فيها.
كذا أفاد سلّمه الله ، وللمنع فيه مجال واسع ، لعدم الفرق بين المقامين في جليل النظر ، اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ الشبهة التحريمية لا تنفكّ (٢) دائما عن احتمال الامتثال إلاّ عند استيعاب تمام الأطراف بالارتكاب بخلاف الشبهة الوجوبية حيث إنّ ترك الكلّ ممكن ، فيلزم المخالفة القطعية ، وقد مرّ أنّ (٣) المخالفة القطعية في التحريمية أيضا إثبات جوازها ممّا دونها خرط القتاد ، فتأمّل.
ثمّ إنّك قد عرفت فيما تقدّم في المقام الأوّل أنّ مقام الشكّ في انحصار الشبهة وعدم انحصارها لا بدّ من الرجوع إلى الاحتياط وقد يتوهّم الرجوع إلى البراءة عند الشكّ إلاّ أنّ عدم التخصيص في الأدلّة الواقعية يقضي (٤) بلزوم الاحتياط كما تقدّم في كلام المحقّق الثاني.
__________________
(١) « ج » : فينهض.
(٢) في النسخ : لا ينفكّ.
(٣) « ج » : « يكون » بدل : « مرّ أنّ »!
(٤) « ج » : تقتضي.